للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

سورة النور" (١).

وردّ ابن عاشور قول من قال أن الآية محكمة لقوله تعالى: {أَوْ يَجْعَلَ اللَّهُ لَهُنَّ سَبِيلًا} فقال: " إنّ قوله: إنّ آية النساء مغيّاة، لا يُجدي لأنّ الغاية المبهمة لمّا كان بيانها إبطالا لحكم المغيَّي فاعتبارُها اعتبارُ النسخ، وهل النسخ كلّه إلاّ إيذان بوصول غاية الحكم المرادة لله غير مذكورة في اللفظ، فذكرها في بعض الأحكام على إبهامها لا يكسو النزول غير شعار النسخ" (٢).

أما قول أبي مسلم الأصفهاني وما احتج به فقد ذكر الرازي: " أن العلماء احتجوا على إبطال كلام أبي مسلم بوجوه ذكرها:

الأول: أن هذا قول لم يقله أحد من المفسرين المتقدمين فكان باطلا.

والثاني: أنه روي في الحديث أنه - صلى الله عليه وسلم - قال: «قد جعل الله لهن سبيلا الثيب ترجم, والبكر تجلد» وهذا يدل على أن هذه الآية نازلة في حق الزناة.

الثالث: أن الصحابة اختلفوا في أحكام اللواط، ولم يتمسك أحد منهم بهذه الآية، فعدم تمسكهم بها مع شدة احتياجهم إلى نص يدل على هذا الحكم من أقوى الدلائل على أن هذه الآية ليست في اللواطة " (٣).

ومما يعضد هذا الترجيح قاعدة أخرى وهي: (إذا ثبت الحديث وكان في معنى أحد الأقوال فهو مرجح له) , والقول بالنسخ قد نصّ عليه الرسول - صلى الله عليه وسلم -


(١) المحرر الوجيز / ابن عطية، ج ٢، ص ٢٢.
(٢) التحرير والتنوير، ج ٣، ص ٢٧٥.
(٣) التفسير الكبير / الرازي، ج ٣، ص ٥٢٩.

<<  <   >  >>