كتاب قواعد الترجيح المتعلقة بالنص عند ابن عاشور في تفسيره التحرير والتنوير

المبحث الرابع الإجماع يعد ناسخا - الأمثلة التطبيقية على القاعدة - ص: 490

ورجّح ابن عاشور أن هذه الآية لها حكم خاص بها ثم نُسخ وهذا قوله: " وليس يبعد عندي أن تكون القرى التي عنتها آية الحشر فتحت بحالة مترددة بين مجرد الفيء وبين الغنيمة، فشُرع لها حكم خاص بها، وإذ قد كانت حالتها غير منضبطة تعذر أن نقيس عليها ونُسخ حكمها , واستقرّ الأمر على انحصار الفتوح في حالتين: حالة الفيء المجرد وما ليس مجردَ فيء. وسقط حكم آية الحشر بالنسخ أو بالإِجماع. والإِجماع على مخالفة حكم النص يعتبر ناسخاً لأنه يتضمن ناسخاً " (١).

ورجّح الطبري، وابن عطية، والقرطبي، وابن كثير، والشوكاني أن الآية محكمة (٢).

ولم يتطرق كل من الرازي، وأبو حيان، والألوسي ولا القاسمي لهذا الخلاف حول نسخ الآية وإحكامها (٣).

حجة القائلين: إن الآية منسوخة بآية الأنفال:

قال ابن كثير: " ومن العلماء من يطلق الفيء على ما تطلق عليه الغنيمة، والغنيمة على الفيء أيضا؛ ولهذا ذهب قتادة إلى أن هذه الآية ناسخة

---

(١) التحرير والتنوير، ج ١٣، ص ٨٤.
(٢) انظر جامع البيان / الطبري، ج ٢٨، ص ٤٦، والمحرر الوجيز / ابن عطية، ج ٥، ص ٢٨٦، والجامع لأحكام القرآن / القرطبي، ج ١٨، ص ١٦، وتفسير القرآن العظيم / ابن كثير، ج ٧، ص ٨١، وفتح القدير / الشوكاني، ج ٥، ص ١٩٨، وروح المعاني / الألوسي، ج ١٤، ص ٢٤٠، وأضواء البيان / الشنقيطي، ص ٣٠٨ ..
(٣) انظر التفسير الكبير / الرازي، ج ١٠، ص ٥٠٧، والبحر المحيط / أبو حيان، ج ٨، ص ٢٤٤، وروح المعاني / اللوسي، ج ١٤، ص ٢٤٠، ومحاسن التأويل / القاسمي، ج ٩، ص ٧٧.