للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

القول الراجح:

إن الآية محكمة وليست منسوخة كما احتمل ابن عاشور , وذلك أن آية الحشر لا تعارض آية الأنفال، فلا تنسخ بها وبخاصة أن سورة الحشر نزلت بعد الأنفال بسنة، كما يقول ابن الجوزي نقلاً عن بعض شيوخ السلف ومحال أن يمسح المتقدم المتأخر (١).

قال النحاس: " القول أنها منسوخة فلا معنى له لأنه ليست إحداهما تنافي الأخرى فيكون النسخ " (٢).

وذكر بعض العلماء أن كل آية من هذه الآيات لها معناها فلا نسخ بينها.

قال ابن العربي: " لا إشكال أنها ثلاثة معانٍ في ثلاث آيات.

أما الآية الأولى: وهي قوله: {وَمَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْهُمْ} فهي خاصة برسول الله - صلى الله عليه وسلم - خالصة له، وهي أموال بني النضير وما كان مثلها.

وأما الآية الثانية: وهي قوله: {مَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى} فهذا كلام مبتدأ غير الأوّل بمستحق غير الأول، وإن اشتركت هي والأولى في أن كل واحدة منهما تضمنت شيئًا أفاءه الله على رسوله، واقتضت الآية الأولى أنه حاصل بغير قتال، واقتضت آية الأنفال، وهي الآية الثالثة: أنه حاصل بقتال، وعريت الآية الثانية، وهي قوله: {مَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى} عن ذكر حصوله بقتال، أو بغير قتال " (٣).


(١) نواسخ القرآن / ابن الجوزي، ج ١، ص ٢٣٧.
(٢) الناسخ والمنسوخ / النحاس، ج ١، ص ٧٠٤.
(٣) الناسخ والمنسوخ / ابن العربي, ص ٢١٢.

<<  <   >  >>