احتوى تفسيره "التحرير والتنوير" على خلاصة آرائه الاجتهادية والتجديدية؛ إذ استمر في هذا التفسير ما يقرب من (٤٠) عاما، وأشار في بدايته إلى أن منهجه هو أن يقف موقف الحكم بين طوائف المفسرين، تارة لها وأخرى عليها؛ حيث بيّن أن الاقتصار على الحديث المعاد في التفسير هو تعطيل لفيض القرآن الكريم الذي ما له من نفاد، ووصف تفسيره بأنه احتوى أحسن ما في التفاسير، وأن فيه أحسن مما في التفسير.
وتفسير التحرير والتنوير في حقيقته تفسير بلاغي، اهتم فيه بدقائق البلاغة في كل آية من آياته، وأورد فيه بعض الحقائق العلمية، ولكن باعتدال ودون توسع أو إغراق في تفريعاتها ومسائلها.
وقد انتقد ابن عاشور كثيرا من التفاسير والمفسرين، وانتقد فهم الناس للتفسير، ورأى أن أحد أسباب تأخر علم التفسير هو الولع بالتوقف عند النقل حتى وإن كان ضعيفا أو فيه كذب، وكذلك اتقاء الرأي ولو كان صواباً حقيقيا، ، وبيّن أن توهمهم في أن مخالفة النقل عن السابقين إخراج للقرآن عما أراد الله به؛ جعل من كتب التفسير عالة على كلام الأقدمين، بل أصبح التفسير "تسجيلا يقيَّد به فهم القرآن ويضيَّق به معناه".
ولعل نظرة التجديد الإصلاحية في التفسير التي نادى بها ابن عاشور تتفق مع المدرسة الإصلاحية التي كان من روادها محمد عبده الذي رأى أن أفضل مفسر للقرآن الكريم هو الزمن، وهو ما يشير إلى معان تجديدية، ويتيح للأفهام والعقول المتعاقبة الغوص في معاني القرآن. وكان لنظرة الطاهر ابن عاشور هذه أثرها البالغ في تفسيره حيث التفت إلى مقاصد الكتاب الحكيم وفصل بيان