للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ودلالته على معنى أن ثبوتها كثبوت الجبال الراسية لأن الله تعالى وعد نبيه إظهار دينه على كل الأديان. ويدل على صحة هذا المعنى قوله تعالى بعد هذه الآية: {فَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ مُخْلِفَ وَعْدِهِ رُسُلَهُ} (١).

أي قد وعدك الظهور عليهم والغلبة لهم.

والمعنى: وما كان مكرهم لتزول منه الجبال، أي وكان مكرهم أوهن وأضعف من أن تزول منه الجبال الراسيات التي هي دين محمد - صلى الله عليه وسلم -، ودلائل شريعته، وقرأ علي وعمرو: (إِن كَانَ مَكْرِهِمْ) " (٢).

وهذه القراءة رجحها الطبري بقوله: " والصواب من القراءة عندنا، قراءة من قرأه (وَإِنْ كَانَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبَالُ) بكسر اللام الأولى وفتح الثانية، بمعنى: وما كان مكرهم لتزول منه الجبال. وإنما قلنا: ذلك هو الصواب، لأن اللام الأولى إذا فُتحت، فمعنى الكلام: وقد كان مكرهم تزول منه الجبال، ولو كانت زالت لم تكن ثابتة، وفي ثبوتها على حالتها ما يبين عن أنها لم تزُل، وأخرى إجماع الحجة من القرّاء على ذلك، وفي ذلك كفاية عن الاستشهاد على صحتها وفساد غيرها بغيره (٣).

القول الراجح:

هو الأخذ بكلا القراءتين كما فعل ابن عاشور وغيره من المفسرين فهما


(١) سورة إبراهيم، الآية (٤٧).
(٢) انظر التفسير الكبير / الرازي، ج ٧، ص ١١٠.
(٣) جامع البيان / الطبري , ج ١٣ , ص ٢٩١.

<<  <   >  >>