للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

على أن سياق الكلام يقتضي إرادتهم استحالة نسخ شريعة التوراة، واستحالة بعثة رسول بعد موسى، وأنه يُقدّر لام تعليل محذوف قبل (أنْ) المصدرية وهو حذف شائع مثلُه. ثم إما أن يقدر حرف نفي بعد (أنْ) يدل عليه هذا السياق ويَقتضيه لفظ (أحد) المرادِ منه شمول كلّ أحد؛ لأنّ ذلك اللفظَ لا يستعمل مراداً منه الشمول إلاّ في سياق النفي، ومَا في معنيّ النفي مثلِ استفهام الإنكار، فأما إذا استعمل (أحَد) في الكلام الموجَب فإنه يكون بمعنى الوصف بالوحْدة، وليس ذلك بمناسب في هذه الآية.

فتقدير الكلام لأن لا يؤتى أحد مثل ما أوتيتم , وحذفُ حرف النفي بعد لام التعليل، ظاهرةً ومقدّرةً، كثيرٌ في الكلام، ومنه قوله تعالى: {يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ أَنْ تَضِلُّوا} (١)، أي لئلاّ تضلوا.

والمعنى: أنّ قصدهم من هذا الكلام تثبيتُ أنفسهم على ملازمة دين اليهودية، لأن اليهود لا يجوِّزون نسخَ أحكام الله، ويتوهمون أنّ النسخ يقتضي البَدَاء.

الوجه الثاني: أنهم أرادوا إنكار أن يوتَى أحد النبوة كما أوتيها أنبياءُ بني إسرائيل فيكون الكلام استفهاماً إنكارياً حذفت منه أداة الاستفهام لدلالة السياق؛ ويؤيده قراءةُ ابن كثير قوله: (أأن يؤتى أحد) بهمزتين.

الاحتمال الثاني: أن تكون الجملة مما أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - بأن يقوله لهم بقيةً لقوله: «إنّ الهُدى هُدى الله».


(١) سورة النساء، الآية (١٧٦).

<<  <   >  >>