للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

انزهاق روحه، وهذه منّة مَنّ الله بها على عيسى، إذ جعل أعداءه لا يخرجون من الدنيا إلاّ وقد آمنوا به جزاء له على ما لقي من تكذيبهم، لأنّه لم يتمتّع بمشاهدة أمّةٍ تتبعه. وقيل: كذلك النصرانيّ عند موته ينكشف له أنّ عيسى عبد الله " (١).

وسبق ابن عاشور إلى هذا الترجيح ابن عطية، والرازي، والألوسي (٢).

في حين رجّح الطبري، وأبو حيان، وابن كثير، والشوكاني، والقاسمي والشنقيطي أن المراد بالضمير في موته عيسى عليه السلام (٣).

واستظهر القرطبي كلا القولين ولكنه ساق بعد ذلك حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - وفيه قوله:

" قبل موت عيسى؛ يعيدها ثلاثاً، فكأنه مال إلى القول الثاني (٤).

وكذلك رجّح ابن كثير القول الثاني، ولكنه ذكر أن من فسر هذه الآية بأن المعنى كل كتابي لا يموت حتى يؤمن بعيسى أو بمحمد، عليهما الصلاة والسلام فهذا هو الواقع، وذلك أن كل أحد عند احتضاره يَتَجَلي له ما كان جاهلا به، فيؤمن به، ولكن لا يكون ذلك إيمانا نافعا له، إذا كان قد شاهد الملك، كما قال تعالى في أول هذه السورة: {وَلَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ


(١) التحرير والتنوير، ج ٤، ص ٢٤.
(٢) انظر المحرر الوجيز / ابن عطية، ج ٢، ص ١٣٤، والتفسير الكبير / الرازي، ج ٤، ص ٢٦٣، وروح المعاني / الألوسي، ج ٣، ص ١٨٨،
(٣) انظر جامع البيان / الطبري، ج ٦، ص ٢٨، والبحر المحيط / أبو حيان، ج ٣، ص ٤٠٨، وتفسير القرآن العظيم / ابن كثير، ج ٤، ص ٥٣٤، وفتح القدير / الشوكاني، ج ١، ص ٥٣٥، ومحاسن التأويل/ القاسمي، ج ٣، ص ٤٤٢.
(٤) انظر الجامع لأحكام القرآن / القرطبي، ج ٦، ص ١٥.

<<  <   >  >>