للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وعن الأصم: المحكم ما اتّضح دليلُه، والمتشابه ما يحتاج إلى التدبّر، وذلك كقوله تعالى: {وَالَّذِي نَزَّلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً بِقَدَرٍ فَأَنْشَرْنَا بِهِ بَلْدَةً مَيْتًا كَذَلِكَ تُخْرَجُونَ} (١) فأولها محكم وآخرها متشابه.

وللجمهور مذهبان: أولهما: أنّ المحكم ما اتّضحت دلالته، والمتشابه ما استأثر الله بعلمه، ونسب هذا القول لمالك وللحنفية , وإليه مال الشاطبي في الموافقات.

وثانيهما: أنّ المحكم الواضح الدلالة، والمتشابه الخفيُ، وإليه مال الفخر: فالنص والظاهر هنا المحكم، لاتّضاح دلالتهما، وإن كان أحدهما أي الظاهر يتطرّقه احتمال ضعيف، والمجمل والمؤوّل هما المتشابه، لاشتراكهما في خفاء الدلالة وإن كان أحدهما: أي المؤول دالاً على معنى مرجوح، يقابله معنى راجح، والمجمل دالاً على معنى مرجوح يقابله مرجوح آخر، ونسبت هذه الطريقة إلى الشافعية (٢).

أما رأي ابن عاشور في المحكم والمتشابه في هذه الآية فهو قوله: " فالمحكمات هي أصول الاعتقاد والتشريع والآداب والمواعظ، وكانت أصولاً لذلك: باتّضاح دلالتها، بحيث تدل على معان لا تحتمل غيرها أو تحتمله احتمالاً ضعيفاً غير معتدَ به، وذلك كقوله: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} (٣)


(١) سورة الزخرف، الآية (١١).
(٢) انظر التحرير والتنوير، ج ٣، ١٥٦.
(٣) سورة الشورى، الآية (١١).

<<  <   >  >>