للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ويخصصها قوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ}

وإما أن يكون المراد بالمغفرة معناها اللغوي , وهو الستر بالإمهال وتأخير العذاب.

وهذان المعنيان حكاهما ابن عاشور , وجعل كلا منهما محتملا (١).

وقد اعترض الرازي على المعنى الثاني بقوله: " إن تأخير العقاب لا يسمى مغفرة، وإلا لوجب أن يقال: الكفار كلهم مغفور لهم لأجل أن الله تعالى أخر عقابهم إلى الآخرة، وعن الثاني: أنه تعالى تمدح بهذا والتمدح إنما يحصل بالتفضل. أما بأداء الواجب فلا تمدح فيه وعندكم يجب غفران الصغائر وعن الثالث: أنا بينا أن ظاهر الآية يقتضي حصول المغفرة حال الظلم، وبينا أن حال حصول الظلم يمنع حصول التوبة، فسقطت هذه الأسئلة وصح ما ذكرناه " (٢).

القول الراجح

إن المقصود بالظلم في هذه الآية ارتكاب الذنوب , وعليه لا تعارض بين الآيات , كما قال ابن عاشور: " ويجوز أن يحمل الظلم على ارتكاب الذنوب بقرينة السياق كإطلاقه في قوله تعالى: {فَبِظُلْمٍ مِنَ الَّذِينَ هَادُوا حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ طَيِّبَاتٍ أُحِلَّتْ لَهُمْ وَبِصَدِّهِمْ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ كَثِيرًا} (٣) فلا تعارض أصلاً بين هذا المحمل وبين قوله: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ


(١) انظر التحرير والتنوير، ج ٧، ص ٩٣.
(٢) التفسير الكبير / الرازي، ج ٧، ص ١٢.
(٣) سورة النساء، الآية (١٦٠).

<<  <   >  >>