للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

جاءت آيات تدل على أنهم ينطقون ويعتذرون , كقوله تعالى: {وَاللَّهِ رَبِّنَا مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ} (١)، وقوله: {فَأَلْقَوُا السَّلَمَ مَا كُنَّا نَعْمَلُ مِنْ سُوءٍ} (٢) وقوله: {بَلْ لَمْ نَكُنْ نَدْعُو مِنْ قَبْلُ شَيْئًا} (٣). وقوله: {تَاللَّهِ إِنْ كُنَّا لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ (٩٧) إِذْ نُسَوِّيكُمْ بِرَبِّ الْعَالَمِينَ (٩٨) وَمَا أَضَلَّنَا إِلَّا الْمُجْرِمُونَ} (٤) إلى غير ذلك من الآيات.

وهذه الآيات قد تبدو لأول وهلة أن ظاهرها التعارض، ولذلك حرص المفسرون على توضيح وبيان مثل تلك الآيات وإزالة الإشكال الحاصل فيها، وأقوالهم في ذلك متقاربة، وإن كان ظاهرها الاختلاف، ولكن هذا الاختلاف لا يضر وإنما يزيد في المعنى، وابن عاشور قد اهتم كثيراً بمثل تلك الآيات ووقف عندها وأزال اللبس الحاصل فيها فيقول مثلاً في هذه الآيات: " واعلم أنه لا تعارض بين هذه الآية وبين الآيات التي جاء فيها ما يقضي أنهم يعتذرون نحو قوله تعالى: {قَالُوا رَبَّنَا أَمَتَّنَا اثْنَتَيْنِ وَأَحْيَيْتَنَا اثْنَتَيْنِ فَاعْتَرَفْنَا بِذُنُوبِنَا فَهَلْ إِلَى خُرُوجٍ مِنْ سَبِيلٍ} (٥) لأن وقت انتفاء نطقهم يوم الفصل، وأما نطقهم المحكي في قوله: {رَبَّنَا أَمَتَّنَا اثْنَتَيْنِ} فذلك صراخهم


(١) سورة الأنعام، الآية (٢٣).
(٢) سورة النحل، الآية (٢٨).
(٣) سورة غافر، الآية (٧٤).
(٤) سورة الشعراء، الآية (٩٨).
(٥) سورة غافر، الآية (١١).

<<  <   >  >>