للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الترجيحية وهو أن الغالب في مصطلح القرآن أن الفاحشة يراد بها الفعلة الشديدة السوء فتشمل الزنى، وكل أعمال الفساد.

أما قول القائل: أن (الفاحشة متى وردت معرفة فهي الزنا، ومتى جاءت منكرة فهي المعاصي) (١)، فهذا قول لا يستقيم , ويعارضه ما جاء في القرآن من آيات جاءت فيها الفاحشة معرفة , ولم تدل على الزنى بدلالة السياق، ومن ذلك قوله تعالى: {الَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الْإِثْمِ وَالْفَوَاحِشَ إِلَّا اللَّمَمَ} (٢).

وقوله: {وَلَا تَقْرَبُوا الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ} (٣).

وكذلك العكس جاءت آيات نُكِّرت فيها الفاحشة وهي تدل على الزنى بدلالة سياق الآيات، ومن ذلك قوله تعالى:

{فَإِنْ أَتَيْنَ بِفَاحِشَةٍ فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى الْمُحْصَنَاتِ مِنَ الْعَذَابِ} (٤)

ومنه قول النبي - صلى الله عليه وسلم - لعائشة حين ردت على اليهود الذين دخلوا على النبي - صلى الله عليه وسلم - فقالوا: السام عليك يا محمد- يعنون بالسام: الموت- فقال لهم النبي - صلى الله عليه وسلم -: "وعليكم". فقالت عائشة رضي عنها: "عليكم السام واللعنة وغضب الله عليكم". فقال لها النبي - صلى الله عليه وسلم -: "لا تقولي ذلك يا عائشة، فإن الله لا يحب


(١) انظر المحرر الوجيز / ابن عطية، ج ٥، ٣٢٣.
(٢) سورة الأنعام، الآية (١٥١).
(٣) سورة النجم، الآية (٣٣).
(٤) سورة النساء، الآية (٢٥).

<<  <   >  >>