للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وأحوالها وقال: تقدم يوم كذا مع طلوع الشمس يقدمها جمل أورق، فخرجوا ذلك اليوم نحو الثنية يشتدون، فقال قائل: هذه والله الشمس قد طلعت، فقال آخر: وهذه والله العير قد أقبلت، يقدمها جمل أورق كما قال محمد، ثم لم يؤمنوا وقالوا: إن هذا إلا سحر مبين " (١).

وقال ابن عاشور: " والتعليل على اعتبار مرجع الضمير إلى النبي أوقع، إذ لا حاجة إلى تعليل إسناد فعل الله تعالى لأنه محقق معلوم. وإنما المحتاج للتعليل هو إعطاء تلك الإراءة العجيبة لمن شك المشركون في حصولها له ومن يحسبون أنه لا يطيقها مثله. على أن الجملة مشتملة على صيغة قصر بتعريف المسند باللام وبضمير الفصل قصراً مؤكداً، وهو قصر موصوف على صفة قصراً إضافياً للقلب، أي هو المدرك لما سمعه وأبصرهُ لا الكاذِبُ ولا المتوهمُ كما زعم المشركون. وهذا القصر يؤيد عود الضمير إلى النبي لأنه المناسب للرد , ولا ينازع المشركون في أن الله سميع وبصير إلا على تأويل ذلك بأنه المُسمع والمبصِر لرسوله الذي كذبتموه، فيؤول إلى تنزيه الرسول عن الكذب والتوهم.

ثم إن الصفتين على تقدير كونهما للنبي - صلى الله عليه وسلم - هما على أصل اشتقاقهما للمبالغة في قوة سمعه وبصره وقبولهما لتلقي تلك المشاهدات المدهشة، على حد قوله تعالى: {مَا زَاغَ الْبَصَرُ وَمَا طَغَى} وقوله: {أَفَتُمَارُونَهُ عَلَى مَا يَرَى} (٢) (٣).


(١) نظم الدرر / البقاعي، ج ٤، ص ٣٣٠.
(٢) سورة النجم، الآية (١٢).
(٣) التحرير والتنوير، ج ٧، ص ٢٢.

<<  <   >  >>