للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ظُهُورِهِمْ وَلَا هُمْ يُنْصَرُونَ} (١) قال: " وجملة (لا يكفون) مضاف إليها (حينَ). وضمير (يكفون) فيه وجهان: أحدهما بدا لي أن يكون الضمير عائداً إلى ملائكة العذاب فمعاد الضمير معلوم من المقام، ونظائر هذا المعاد كثيرة في القرآن وكلام العرب. ومعنى الكف على هذا الوجه: الإمساك وهو حقيقته، أي حين لا يمسك الملائكة اللفح بالنار عن وجوه المشركين. وتكون هذه الآية في معنى قوله تعالى في سورة: {وَلَوْ تَرَى إِذْ يَتَوَفَّى الَّذِينَ كَفَرُوا الْمَلَائِكَةُ يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وَأَدْبَارَهُمْ وَذُوقُوا عَذَابَ الْحَرِيقِ} (٢) والوجه الثاني: أن يكون ضمير (يكُفُّون) عائداً إلى الذين كفروا، والكَفّ بمعنى الدّرْءِ والستر مجازاً بعلاقة اللزوم، أي: حين لا يستطيعون أن يدفعوا النار عن وجوههم بأيديهم ولا عن ظهورهم , أي: حين تحيط بهم النار مواجهَةً ومدابرَةً. وذِكر الظهور بعد ذكر الوجوه عن هذا الاحتمال احتراس لدفع توهم أنهم قد يكفّونها عن ظهورهم إن لم تشتغل أيديهم بكفها عن وجوههم وهذا الوجه هو الذي اقتصر عليه جميعُ من لدينا كُتبهم من المفسرين.

والوجه الأول أرجح معنى، لأنه المناسب مناسبة تامة للكافرين الحاضرين المقرعين ولتكذيبهم بالوعيد بالهلاك في قولهم: {مَتَى هَذَا الْوَعْدُ إِنْ كُنْتُمْ


(١) سورة الأنبياء، الآية (٣٩).
(٢) سورة الأنفال، الآية (٥٠).

<<  <   >  >>