للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يظلم نفسه " فقال لهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - " ليس كما تَظُنّون إنَّما هو كما قال لقمان لابنه: {إنّ الشِّرك لظلم عظيم} " (١).

حيث رجّح ابن عاشور في هذه الآية أن الظلم هو الشرك بدلالة الحديث النبوي.

ثانياً: الترجيح بدلالة حديث نبوي في معنى أحد الأقوال:

ومنه ما ذكره عند قوله تعالى: {قَدْ يَعْلَمُ اللَّهُ الْمُعَوِّقِينَ مِنْكُمْ وَالْقَائِلِينَ لِإِخْوَانِهِمْ هَلُمَّ إِلَيْنَا} (٢).

قال ابن عاشور: " و (قد) مفيد للتحقيق لأنهم لنفاقهم ومَرض قلوبهم يشكّون في لازم هذا الخبر وهو إنباء الله رسوله عليه الصلاة والسلام بهم، أو لأنهم لجهلهم الناشئ عن الكفر يظنون أن الله لا يعلم خفايا القلوب , وذلك ليس بعجيب في عقائد أهل الكفر , ففي «صحيح البخاري» عن ابن مسعود - رضي الله عنه -: «اجتمع عند البيت قُرشيان وثقفيّ أو ثقفيان وقرشي كثيرةٌ شُحمُ بطونهم قليلةٌ فِقهُ قلوبهم، فقال أحدهم: أتُرَوْنَ أن الله يسمع ما نقول؟ قال الآخر: يسمع إذا جهرنا ولا يسمع إذا أخفينا. وقال الآخر: إن كان يسمع إذا جهرنا فإنه يسمع إذا أخفينا، فأنزل الله تعالى: {وَمَا كُنْتُمْ تَسْتَتِرُونَ أَنْ يَشْهَدَ عَلَيْكُمْ سَمْعُكُمْ وَلَا أَبْصَارُكُمْ وَلَا جُلُودُكُمْ وَلَكِنْ ظَنَنْتُمْ أَنَّ اللَّهَ لَا يَعْلَمُ


(١) التحرير والتنوير، ج ٤، ص ٣٣٢.
(٢) سورة الأحزاب، الآية (١٨)

<<  <   >  >>