للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

تَطَوَّعَ خَيْرًا فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ} (١).

حيث رجّح أن الآية منسوخة بالإجماع - الإجماع المستند إلى الدليل - فقال: " وعلى تفسير الطاقة بالقدرة , فالآية تدل على أن الذي يقدر على الصوم له أن يعوضه بالإطعام، ولما كان هذا الحكم غير مستمر بالإجماع , قالوا في حمل الآية عليه: إنها حينئذٍ تضمنت حكماً كان فيه توسعة ورخصة ثم انعقد الإجماع على نسخه، وذكر أهل الناسخ والمنسوخ أن ذلك فُرِض في أول الإسلام لما شق عليهم الصوم ثم نسخ بقوله تعالى: {فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ} (٢) ونقل ذلك عن ابن عباس - رضي الله عنه - وفي البخاري عن ابن عمر - رضي الله عنه - وسلَمةَ بن الأكْوَع - رضي الله عنه - نسختْها آية {شَهْرُ رَمَضَانَ} (٣) ثم أخرج عن ابن أبي ليلى قال: حدثنا أصحاب محمد - صلى الله عليه وسلم - نَزَل رمضان فشق عليهم فكان من أطعم كل يوم مسكيناً تركَ الصوم من يطيقه ورخص لهم في ذلك فنسَختها: {وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ} (٤)، ورويت في ذلك آثار كثيرة عن التابعين وهو الأقرب من عادة الشارع في تدرج تشريع التكاليف التي فيها مشقة على الناس من تغيير معتادهم كما تدرج في تشريع منع الخمر " (٥).


(١) سورة البقرة، الآية (١٨٤).
(٢) سورة البقرة، الآية (١٨٥).
(٣) سورة البقرة، الآية (١٨٥).
(٤) سورة البقرة، الآية (١٨٤).
(٥) التحرير والتنوير، ج ٢، ص ١٦٦.

<<  <   >  >>