للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والأخبار غير الصحيحة، التي تتعلق بقصص الأنبياء، كما فعل كثير من المفسرين بالمأثور، وهذه مزية تسجل له , وليس معنى هذا أن تفسيره قد سلم من الإسرائيليات تماماً، فقد ورد فيه بعضها، ولكن تلك الإسرائيليات قليلة جداً فيه إذا ما قورن بالتفاسير الأخرى.

٤ - من مميزاته أيضاً في التفسير أنه إذا رأى تفسيراً مخالفاً لما عليه جمهور المفسرين نبّه إلى ذلك، وبيّن أنه لم يسبقه إليه أحد , كما جاء عنه في تفسير قوله تعالى: {وَاسْتَمِعْ يَوْمَ يُنَادِ الْمُنَادِ مِنْ مَكَانٍ قَرِيبٍ} (١) ذكر ابن عاشور أن الأمر بالاستماع حقيقته الإنصات والإصغاء، وأن جمهور المفسرين حملوا الاستماع على حقيقته، ثم ذكر أن ابن عطية نحا إلى حمل (استمع) على المجاز، أي انتظر. قال: «لأن محمداً - صلى الله عليه وسلم - لم يؤمر بأن يستمع في يوم النداء؛ لأن كل مَن فيه يستمع وإنما الآية في معنى الوعيد للكفار فقيل لمحمد - صلى الله عليه وسلم - تحسس هذا اليوم وارتقبه فإن فيه تبّين صحة ما قلته» اهـ. ثم ذكر ابن عاشور أنه لم يسبقه إلى هذا المعنى أحد (٢).

٥ - تمكنه من اللغة، الأمر الذي جعله يرد على من لا يحسن اختيار الألفاظ في القرآن الكريم، ويصحح العبارات الخاطئة، فعلى سبيل المثال عند تفسيره لقوله تعالى: {أَفَلَمْ يَرَوْا إِلَى مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ إِنْ نَشَأْ نَخْسِفْ بِهِمُ الْأَرْضَ أَوْ نُسْقِطْ عَلَيْهِمْ


(١) سورة ق، الآية (٤١).
(٢) انظر التحرير والتنوير، ج ٢١، ص ٣٢٩.

<<  <   >  >>