للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وحاول التوفيق بينه وبينها مما يُشعر بثقته فيها، مع أنه ذكر الإجماع على تحريفه (١) ومن الأمثلة على ذلك ما جاء عنه في تفسير قوله تعالى: {وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ الَّذِينَ اعْتَدَوْا مِنْكُمْ فِي السَّبْتِ فَقُلْنَا لَهُمْ كُونُوا قِرَدَةً خَاسِئِينَ} (٢).

حيث ذهب عامة المفسرين من الصحابة والتابعين ومن بعدهم إلى أن المسخ في هاتين الآيتين كان مسخاً حقيقياً وصورياً , مسخت قلوب المعتدين في السبت، ومسخت صورهم قردة، أي أجسامهم تحولت من الصور البشرية إلى صورة القردة، بقدرة الله القادر على كل شيء قدير، فقد قال لهم: كونوا فكانوا (٣).

في حين شذّ ابن عاشور وغيره عن تفسير الجماعة في الآية حيث ذهب إلى أن المسخ كان معنوياً لا حقيقياً وصورياً، مسخت قلوبهم فقط مستنداً في ذلك إلى أنه لم يرد مسخ في كتب تاريخ اليهود، حيث قال بعد إيراده قول الجمهور وقول مجاهد: " والعبرة حاصلة على كلا الاعتبارين، والأول أظهر في العبرة؛ لأن فيه اعتبارهم بأنفسهم واعتبار الناس بهم بخلاف الثاني، والثاني أقرب للتاريخ؛ إذ لم ينقل مسخ في كتب تاريخ العبرانيين، والقدرة صالحة للأمرين " (٤).


(١) ابن عاشور ومنهجه في التفسير / عبد الله الريس، رسالة ماجستير، ج ٢، ص ٦٥٦.
(٢) سورة البقرة، الآية (٦٥).
(٣) انظر جامع البيان / الطبري، ج ١، ص ٣٨٢، والمحرر الوجيز / ابن عطية، ج ٢، ص ٤٧٠.
(٤) التحرير والتنوير، ج ١، ص ٥٤٤.

<<  <   >  >>