إلى حكمة مشروعية عدة الوفاة، وإلى حكمة مشروعية التنصيف لذي الرق، فيما نصف له فيه حكم شرعي، فنرى بمسلك السبر والتقسيم أن عدة الوفاة إما أن تكون لحكمة تحقق النسب أو عدمه، وإما أن تكون لقصد الإحداد على الزوج، لما نسخ الإسلام ما كان عليه أهل الجاهلية من الإحداد حولاً كاملاً، أبقى لهن ثلث الحول، كما أبقى للميت حق الوصية بثلث ماله، وليس لها حكمة غير هذين؛ إذ ليس فيها ما في عدة الطلاق من حكمة انتظار ندامة المطلق، وليس هذا الوجه الثاني بصالح للتعليل؛ لأنه لا يظن بالشريعة أن تقرر أوهام أهل الجاهلية، فتبقي منه تراثاً سيئاً، ولأنه قد عهد من تصرف الإسلام إبطال تهويل أمر الموت والجزع له، الذي كان عند الجاهلية عرف ذلك في غير ما موضع من تصرفات الشريعة، ولأن الفقهاء اتفقوا على أن عدة الحامل من الوفاة وضع حملها، فلو كانت عدة غير الحامل لقصد استبقاء الحزن لاستوتا في العدة، فتعين أن حكمة عدة الوفاة هي تحقق الحمل أو عدمه، فلننقل النظر إلى الأمة نجد فيها وصفين: الإنسانية والرق، فإذا سلكنا إليهما طريق تخريج المناط، وجدنا الوصف المناسب لتعليل الاعتداد الذي حكمته تحقق النسب هو وصف الإنسانية؛ إذ الحمل لا يختلف حاله باختلاف أصناف النساء وأحوالهن الاصطلاحية أما الرق فليس وصفاً صالحاً للتأثير في هذا الحكم، فالوجه أن تكون عدة الوفاة للأمة كمثل الحرة، وليس في تنصيفها أثر، ومستند الإجماع قياس مع وجود الفارق " (١) ... .