للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بتجرد قدرته عن المعالجة والاستعانة. فوصفه تعالى بالرحمن الرحيم من المنقولات الشرعية فقد أثبت القرآن رحمة الله في قوله: {وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ} (١) فهي منقولة في لسان الشرع إلى إرادة الله إيصال الإحسان إلى مخلوقاته في الحياة الدنيا وغالبُ الأسماء الحسنى من هذا القبيل (٢). .

الرد على ابن عاشور:

هذا الذي ذكره ابن عاشور في تأويل صفة الرحمة بإرادة الرفق واللطف والإحسان هو مذهب المتأولة من أشعرية ومعتزلة وغيرهما (٣). .

وقد ردّ ابن القيم هذا التأويل فقال في " مختصر الصواعق": " الوجه الثامن عشر: إن الله سبحانه وتعالى فرق بين رحمته ورضوانه المنفصل، فقال تعالى: {يُبَشِّرُهُمْ رَبُّهُمْ بِرَحْمَةٍ مِنْهُ وَرِضْوَانٍ وَجَنَّاتٍ لَهُمْ فِيهَا نَعِيمٌ مُقِيمٌ} (٤). .

فالرحمة والرضوان صفته، والجنة ثوابه. وهذا يبطل قول من جعل الرحمة ثواباً منفصلاً مخلوقاً، وقول من قال: هي إرادة الإحسان، فإن إرادته الإحسان هي من لوازم الرحمة فإنه يلزمه من الرحمة أن يريد الإحسان إلى المرحوم فإذا انتفت حقيقة الرحمة انتفى لازمها وهو إرادة الإحسان " (٥).


(١) سورة الأعراف، الآية (١٥٦).
(٢) التحرير والتنوير، ج ١، ص ١٧٠.
(٣) انظر المفسرون بين التأويل والإثبات في آيات الصفات/ محمد عبد الرحمن المغراوي، ج ١، ص ٢٩١.
(٤) سورة التوبة، الآية (٢١).
(٥) مختصر الصواعق المرسلة / ابن القيم، ج ٢، ص ١٢١.

<<  <   >  >>