للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

والله عز وعلا لا يخلف الميعاد وما وعده ليصيبنهم ولو بعد حين، وهو سبحانه حليم لا يعجل، ومن حلمه ووقاره واستقصاره المدد الطوال أنّ يوما واحدا عنده كألف سنة «١» عندكم. وقيل: معناه كيف يستعجلون بعذاب من يوم واحد من أيام عذابه في طول ألف سنة من سنيكم، لأنّ أيام الشدائد مستطالة. أو كأن ذلك اليوم الواحد لشدّة عذابه كألف سنة من سنى العذاب. وقيل: ولن يخلف الله وعده في النظرة والإمهال. وقرئ: (تعدون)، بالتاء والياء، ثم قال: وكم من أهل قرية كانوا

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

يكون في ميعاده الخلف، ومنه قولهم: إنما يعجلُ من يخشى الفوت.

قوله: (ومن حِلمه ووقاره)، الانتصاف: الوقارُ يفهم منه لغةً: سكون الأعضاء وطمأنينتها عند المزعجات، ولا يجوز إطلاقه على الله كالأناة التؤدة، وأما قوله تعالى: (مَا لَكُمْ لا تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقَاراً) [نوح: ١٣] فهو مفسرٌ بالعظمة، فليس من هذا.

وقلتُ: وهذا مبنيٌ على أن أسماء الله توقيفيةٌ، وأنه لا يجوز أن يُستعمل الوقار إلا في العظمة؛ لما ورد، وإلا فلا يجوز ذلك أيضاً.

قوله: (أن يوماً واحداً عنده كألف سنة عندكم)، يعني: قوله تعالى: (وَإِنَّ يَوْماً عِنْدَ رَبِّكَ كَأَلْفِ سَنَةٍ) إما محمولٌ على القصر، وهو إنما يكون بالنسبة إلى الله تعالى، وهو المراد من قوله: "إن يوماً واحداً عنده كألف سنة عندكم"، فالمدة الطويلة عنده قصيرةٌ؛ لأنه لا يعجل كما تعجلون أو على الطول، وإنما يعجل من يخشى الفوت، وهو بالنسبة إلى العبد، فإن أيام الشدائد مستطالةٌ، فاليومُ القصيرُ عنده طويل، وهو المراد من قوله: "يوم واحدٌ من أيام عذابه كألف سنةٍ عندكم".

قوله: (وقرئ: (تَعُدُّونَ)، بالياء والتاء"، بالياء التحتاني: ابن كثير وحمزةُ الكسائي، والباقون: بالتاء.

<<  <  ج: ص:  >  >>