للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

مثلكم ظالمين قد أنظرتهم حينا ثم أخذتهم بالعذاب والمرجع إلىّ وإلى حكمى.

فإن قلت: لم كانت الأولى معطوفة بالفاء، وهذه بالواو؟ قلت: الأولى وقعت بدلا عن قوله (فَكَيْفَ كانَ نَكِيرِ) وأمّا هذه فحكمها حكم ما تقدّمها من الجملتين المعطوفتين بالواو، أعنى قوله (وَلَنْ يُخْلِفَ اللَّهُ وَعْدَهُ وَإِنَّ يَوْماً عِنْدَ رَبِّكَ كَأَلْفِ سَنَةٍ).

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

قوله: (الأولى وقعت بدلاً عن قوله: (فَكَيْفَ كَانَ نَكِيرِ)، وأما هذه فحكمها حكم ما تقدمها من الجملتين)، قال صاحب "الفرائد": أراد أن مجموع قوله: (فَكَأَيِّنْ) إلى آخره حكمه حكم (فَكَيْفَ كَانَ نَكِيرِ) في أنه كان متعقباً لما تقدمه حتى لو لم يكن قوله: (فَكَيْفَ كَانَ نَكِيرِ) صلح أن يكون هذا في مكانه.

وقلتُ: الفرقُ بينهما أن قوله: (فَكَأَيِّنْ)، إلى آخره، متعقبٌ بجملة ما تقدمه؛ لأن إهلاك الجماعة المذكورين من قوله: (نُوحٍ وَعَادٌ) إلى قوله: (وَكُذِّبَ مُوسَى) إهلاك كثير، فمعنى "كأين إلى آخره من لوازم ما تقدم فكان متعقباً له، فوجب أن يكون بالفاء بخلاف قوله: (وَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ أَمْلَيْتُ لَهَا) إلى آخره؛ لأن ما قبله لم يستلزمه، فيجب أن يكون بالواو، وليفيد اجتماعهما في الحصول. تم كلامُ صاحب "الفرائد".

وقلتُ: "ثم" في قوله: (ثُمَّ أَخَذْتُهُمْ) في الآية السابقة لعطفِ (أَخَذْتُهُمْ) على (أَمْلَيْتُ)، وكلاهما مسببان عن تكذيب القوم الرسل، والفاء في (فَكَيْفَ كَانَ نَكِيرِ) للعقيب لا غير، فإنه عقب قوله: (أَخَذْتُهُمْ) بما يُستحضر للسامع مما يتعجب له من الاستفهام عن حال تلك الأخذة، وهو أيضاً منهم، فعقب بقوله: (وَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ) الآية ليكشفه كشفاً تاماً، أو يبدل منه إيضاحاً كما قال، وأما قوله: (وَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ) بالواو فمنسوقةٌ على قوله: (لَنْ يُخْلِفَ اللَّهُ وَعْدَهُ)، وقوله تعالى: (وَإِنَّ يَوْماً عِنْدَ رَبِّكَ كَأَلْفِ سَنَةٍ)، والمعنى: كيف يستعجلونك بالعذاب والحالُ أنه لابد أن يصيبهم ما وعد

<<  <  ج: ص:  >  >>