ربُّك، وإن ذلك عن قريب، أو أن الموعود شديدٌ مُرُّ المذاق، وأن سنة الله في الإنظار ثم الاستئصال جاريةٌ في الأمم الخالية، فماذا يستعجلُ منها المجرمون؟
هذا، وإن المصنف رحمه الله تعالى ما ذهب إلى الحال، بل إلى العطف على إنكار العلم بوجود الجمل الأربع وحصولها، أي: أخبر عن استعجالهم العذاب، وعن أن الله تعالى لا يُخلفُ وعده، وعن أنه حليمٌ لا يعجل، وعن أن لهم أسوة بالأمم السالفة الظالمة إذا لم يعتبروا بها، ثم استدعى الإنكار من السامع على من يجمع في علمه ذلك كله، وإليه الإشارة بقوله:"كأنهم يجوزون الفوت" إلى آخره، ويجوز أن يكون (وَلَنْ يُخْلِفَ اللَّهُ وَعْدَهُ) معترضاً بين الحال وعاملها.
قوله:(وعاجزه: سابقه)، الأساس: طلبته فأعجز وعاجز: إذا سبق فلم يُدرك.
الراغب: عجزُ الإنسان: مؤخره، وبه شبه مؤخر غيره، قال تعالى:(كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ)[القمر: ٢٠]، والعجز أصله: التأخر عن الشيء، وحصوله عند عجزِ الأمر، أي: مؤخره كما ذُكر في الدبر، وصار في التعارف اسماً للقصور عن فعل الشيء، وهو ضد القدرة، قال تعالى:(أَعَجَزْتُ أَنْ أَكُونَ مِثْلَ هَذَا الْغُرَابِ)، وأعجزت فلاناً، وعجزتُه، وعاجزتُه، قال تعالى:(وَمَا أَنْتُمْ بِمُعْجِزِينَ فِي الأَرْضِ)[العنكبوت: ٢٢]، (وَالَّذِينَ سَعَوْا فِي آيَاتِنَا مُعَاجِزِينَ)[سبأ: ٥]، وقرئ:"معجزين"، فـ (مُعَاجِزِينَ). قبل: معناه: ظاهرين، ومُقدرين أنهم يعجزوننا؛ لأنهم حسبوا أن لا بعث ولا نُشور، فيكون ثوابٌ وعقابٌ، وهذا في قوله:(أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ أَنْ يَسْبِقُونَا)[العنكبوت: ٤]، ومعجزين: ينسبون من تبع النبي صلى الله عليه وسلم إلى العجز، وذلك نحو: جهلتُه، وقيل: يعني: مثبطين، أي: مثبطين الناس عن النبي صلى الله عليه وسلم، كقوله