واحد منهما في طلب إعجاز الآخر عن اللحاق به، فإذا سبقه قيل: أعجزه وعجزه. والمعنى: سعوا في معناها بالفساد من الطعن فيها، حيث سموها: سحرا وشعرا وأساطير، ومن تثبيط الناس
عنها سابقين أو مسابقين في زعمهم، وتقديرهم طامعين أن كيدهم للإسلام يتم لهم.
فإن قلت: كأن القياس أن يقال: إنما أنا لكم بشير ونذير، لذكر الفريقين بعده. قلت: الحديث مسوق إلى المشركين
تعالى:(الَّذِينَ يَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ)[الأعراف: ٤٥] والعجوزُ سُميت لعجزها عن كثير من الأمور.
قوله:(سابقين)، هو حال من فاعل (سَعَوْا) في معناها، على أن (مُعَاجِزِينَ): مُغالبينَ معاندين؛ لأن المغالبة حينئذٍ للمبالغة، ولهذا قال:"سموها سحراً وشعراً وأساطير، وثبطوا الناس عنها"، وقوله:"أو مُسابقين" على معناها: ظانين مقدرين أنهم يعجزوننا بزعمهم، فالمبالغة على حقيقتها. قال محي السُّنة: قرأ ابن كثيرٍ وأبو عمرو: معجزين، بالتشديد، أي: مثبطين الناس عن الإيمان، والباقون: معاجزين بالألف، أي: معاندين مشاقين. وقال قتادة: ظانين مقدرين أنهم يعجزوننا بزعمهم أن لا بعث ولا نُشور ولا جنة ولا نار. وقيل: معاجزين، يريد كل واحدٍ أن يُظهر عجز صاحبه.
قوله:(كان القياس أن يُقال: إنما أنا لكم بشيرٌ ونذير)، لأن قوله: يا أيها الناسُ، شاملٌ للمشركين والمؤمنين، على أنه فصل بقوله:(فَالَّذِينَ آمَنُوا)، (وَالَّذِينَ سَعَوْا) ليبشر المؤمنين، ويُنذر الكافرين.
قوله:(الحديث مسوقٌ إلى المشركين)، وذلك أنه تعالى لما قال:(أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا) وبين كيفية ظُلمهم بقوله: (الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيارِهِمْ)، وبقوله: