(ما قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ) أى ما عرفوه حق معرفته، حتى لا يسموا باسمه من هو منسلخ عن صفاته بأسرها، ولا يؤهلوه للعبادة، ولا يتخذوه شريكا له: إن الله قادر غالب، فكيف يتخذ العاجز المغلوب شبيها به؟
الطالبُ؛ لأنها طالبةٌ لما اختطفه الذبابُ منهم، فاللامُ في الطالب والمطلوب: للعهد التقديري، وهو معنى السين في (لا يَسْتَنقِذُوهُ).
قوله:(هذا ردُّ ما أنكروه من أن يكون الرسول من البشر)، يعني: لما أبطل القول بالاشتراك ليثبت التوحيد، عقبه بإثبات الرسالة، فرد طعنهم في أن يكون الرسول من البشر، ويمكن أن يقال: إن الآيات نظيرُ قوله تعالى: (يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ وَيُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي لأَجَلٍ مُسَمًّى ذَلِكُمْ اللَّهُ رَبُّكُمْ لَهُ الْمُلْكُ وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ مَا يَمْلِكُونَ مِنْ قِطْمِيرٍ * إِنْ تَدْعُوهُمْ لا يَسْمَعُوا دُعَاءَكُمْ)[فاطر: ١٣ - ١٤] بولغ في وصف آلهتهم بالضعف وسُلب عنهم دفعُ المضرة مدى غاياته، ثم وُصف إله الحق بالقوة والعز، وإيصالالنفع إلى عابديه أقصى نهاياته؛ لأن منتهى مال المخلوقين أن يخصهم الله بكرامة الرسالة، فالآية الثانية مبينةٌ أو مقررةٌ بقوله تعالى:(مَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ) فوضع اسمه الأعظم الجامع لأسمائه الحسنى موضع الضمير تقريراً للقوة الكاملة والعزة القاهرة، أو هو بمنزلة اسم الإشارة المؤذِن بأن ما بعده جديرٌ