للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ضربين: ملائكة وبشر، ثم ذكر أنه تعالى درّاك للمدركات، عالم بأحوال المكلفين ما مضى منها وما غبر، لا تخفى عليه منهم خافية. وإليه مرجع الأمور كلها، والذي هو بهذه الصفات، لا يسأل عما يفعل، وليس لأحد أن يعترض عليه في حكمه وتدابيره واختيار رسله.

[(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا وَاعْبُدُوا رَبَّكُمْ وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ)].

للذكر شأن ليس لغيره من الطاعات. وفي هذه السورة دلالات على ذلك، فمن

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

بمن قبله لاتصافه بتلك الصفات الفائقة، وفي قوله: "والذي هو بهذه الصفات لا يُسألُ عما يفعلُ، وليس لأحدٍ أن يعترض عليه في حكمه وتدابيره" إيماءٌ إلى هذا المعنى، وبعد ما عم الخطاب بقوله تعالى: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ ضُرِبَ مَثَلٌ فَاسْتَمِعُوا لَهُ) ونبههم في ذلك المثل على أن تلك الآلهة لا تضر ولا تنفع وإنما النافع والضار هو الله تعالى، وهو الذي يستحق أن يُعبد ويستعان به، خص الخطاب بقوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا) الآية تحقيقاً للعبودية.

قوله: (ثم ذكر أنه تعالى دراكٌ للمدركات)، يعني: لما ذكر أنه تعالى اصطفى من الملائكة رسلاً ومن الناس علل ذلك بقوله: (أَنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ * يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ).

قوله: (ما مضى منها وما غبر)، الجوهري: غبر الشيء يغبرُ: بقي، والغابرُ: الباقي، والغابرُ: الماضي، وهو من الأضداد.

قوله: (للذكر شأنٌ ليس لغيره من الطاعات)، والمراد بالذكر: ما يُحتاجُ إليه في الدين من الشرائع وغيرها، كالأقاصيص والوعد والوعيد، كذا فُسرَ في (ص). ولما كان إطلاقُ الذكر على الصلاة أبين من سائر الطاعات، قال: "الصلاة التي هي ذكرٌ خالص"، وهو المرادُ

<<  <  ج: ص:  >  >>