للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ثم دعا المؤمنين أولا إلى الصلاة التي هي ذكر خالص، ثم إلى العبادة بغير الصلاة كالصوم والحج والغزو، ثم عمّ بالحث على سائر الخيرات. وقيل: كان الناس أوّل ما أسلموا يسجدون بلا ركوع ويركعون بلا سجود، فأمروا أن تكون صلاتهم بركوع وسجود. وقيل: معنى (وَاعْبُدُوا رَبَّكُمْ) اقصدوا بركوعكم وسجودكم وجه الله. وعن ابن عباس في قوله (وَافْعَلُوا الْخَيْرَ) صلة الأرحام ومكارم الأخلاق (لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) أى افعلوا هذا كله وأنتم راجون للفلاح طامعون فيه، غير مستيقنين ولا تتكلوا على أعمالكم.

وعن عقبة بن عامر رضى الله عنه قال: قلت يا رسول الله في سورة الحج سجدتان؟ قال: "نعم، إن لم تسجدهما فلا تقرأهما" وعن عبد الله ابن عمر رضي الله عنهما: "فضلت سورة الحج بسجدتين". وبذلك احتج الشافعي رضي الله عنه،

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

من قوله تعالى: (ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا)، والصوم الحج والغزو دونها في معنى الذكر، ثنى بذكرها، وهو المراد من قوله: (وَاعْبُدُوا)، ثم أتى بما يشتملُ على جميع ما يُحتاجُ إليه في الدين من الخيرات آخراً، وهو المرادُ من قوله تعالى: (وَافْعَلُوا الْخَيْرَ)، فهو كالترقي والتدرج من الأخص إلى الأعم.

قوله: (وقيل: معنى (وَاعْبُدُوا رَبَّكُمْ): اقصدوا برُكوعكم وسجودكم وجه الله تعالى)، هو كقوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا آمِنُوا) [النساء: ١٣٦].

قوله: (وعن عُقبة بن عامرٍ)، الحديث رواه أحمد بن حنبل في "مسنده"، وكذا الترمذيٌّ، وروى أبو داود وابن ماجه، عن عمرو بن العاص رضي الله عنه قال: أقرأني رسول الله صلى الله عليه وسلم خمس عشرة سجدةً في القرآن، منها ثلاثٌ في المفصل، وفي سورة الحج سجدتان.

<<  <  ج: ص:  >  >>