فرأى سجدتين في سورة الحج. وأبو حنيفة وأصحابه رضى الله عنهم لا يرون فيها إلا سجدة واحدة، لأنهم يقولون: قرن السجود بالركوع، فدل ذلك على أنها سجدة صلاة لا سجدة تلاوة.
(وَجاهِدُوا) أمر بالغزو أو بمجاهدة النفس والهوى وهو الجهاد الأكبر. عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه رجع من بعض غزواته فقال «رجعنا من الجهاد الأصغر إلى الجهاد الأكبر».
(فِي اللَّهِ) أى في ذات الله ومن أجله. يقال: هو حق عالم، وجدّ عالم، أي: عالم
وعن مالك عن عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه: أنه قرأ سورة الحج فسجد فيها سجدتين، ثم قال: إن هذه السورة فُضِّلت بسجدتين.
قوله:(قرن السجود بالركوع فدل ذلك على أنها سجدةُ صلاةٍ لا سجدةُ تلاوة)، وقلتُ: لا شك أن الروع الذي هو: وضع الكفين على الركبتين مع الانحناء، لا يوجد إلا في الصلاة، ولا يراد به هاهنا الركوعُ الفذ، فيُحملُ على الصلاة مجازاً، وأما السجود الذي هو: وضعُ الجبهة على الأرض لله تعالى على سبيل التعظيم فهو غير مختص بالصلاة، فحمل الألو على الصلاة، والثاني على الحقيقة، لعموم الفائدة؛ أولى، ولأن العدول إلى المجاز من غير صارفٍ أو اعتبار نكتةٍ غير جائز، والمقارنة غير موجبةٍ لذلك، والأحاديث التي رويناها عن الأئمة موافقةٌ لمذهب الشافعي، فوجب المصير إليه.