للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

عقلا طال عهده بالصقل، أو يجلو فهما قد غطى عليه تراكم الصدأ.

[(وَإِنَّهُ لَتَنْزِيلُ رَبِّ الْعالَمِينَ* نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ* عَلى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ* بِلِسانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ* وَإِنَّهُ لَفِي زُبُرِ الْأَوَّلِينَ)].

(وَإِنَّهُ): وإن هذا التنزيل، يعنى: ما نزل من هذه القصص والآيات. والمراد بالتنزيل:

المنزل. والباء في (نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ) و (نَزَّلَ به الرُّوحَ) على القراءتين للتعدية. ومعنى (نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ): جعل الله الروح نازلا به (عَلى قَلْبِكَ) أي: حفظكه وفهمك إياه، وأثبته في قلبك إثبات ما لا ينسى، كقوله تعالى: (سَنُقْرِئُكَ فَلا تَنْسى) [الأعلى: ٦]. (بِلِسانٍ) إما أنّ يتعلق بـ (المُنذِرِينَ)، فيكون المعنى: لتكون من الذين أنذروا بهذا اللسان، وهم خمسة: هود، وصالح، وشعيب، وإسماعيل ومحمد عليهم السلام.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

قوله: (على القراءتين للتعدية)، ابن عامرٍ وأبو بكرٍ وحمزة والكسائي: "نزل به" بتشديد الزاي "الروح الأمين" بنصبهما، والباقون: بتخفيف الزاي والرفع للاسمين.

قوله: (ومعنى "نزل به الروح": جعل الله تعالى الروح نازلاً به {عَلَى قَلْبِكَ})، هذا بيان اتصال {نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ} بقوله: {لَتَنْزِيلُ رَبِّ الْعَالَمِينَ} وكيفية التنزيل من رب العالمين، يعني: كان ذلك التنزيل بواسطة ملكٍ مقربٍ مطاع عند ذي العرش مكين، وفيه رمزٌ على قوله بعد ذلك: {وَمَا تَنَزَّلَتْ بِهِ الشَّيَاطِينُ (٢١٠) وَمَا يَنْبَغِي لَهُمْ وَمَا يَسْتَطِيعُونَ}، ثم في تعلق {بِلِسَانٍ} بقوله: {نَزَلَ} تتميمٌ لهذا المعنى، ومن ثم قال: "وفي هذا الوجه أن تنزيله بالعربية … تنزيلٌ له على قلبك"، وفي اختلاف مجيء {لِسَانَ} من التنكير في التنزيل، والتعريف في التفسير، حيث قال: "المعنى: نزله باللسان العربي" الإشارة إلى أن الأصل التعريف فيه، وأنه للعهد، وأوثر التنكير في التنزيل، ليؤذن بالتعظيم والتفخيم.

<<  <  ج: ص:  >  >>