للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وفي: "أدرَكَ علمُهُم" و (ادَّارَكَ عِلْمُهُمْ): وجه آخر، وهو أن يكون أدرك بمعنى انتهى وفني، من قولك: أدركت الثمرة، لأن تلك غايتها التي عندها تعدم: وقد فسره الحسن رضي الله عنه باضمحل علمهم وتدارك: من: تدارك بنو فلان: إذا تتابعوا في الهلاك. فإن قلت، فما وجه قراءة من قرأ: بل أأدرك على الاستفهام؟ قلت: هو استفهام على وجه الإنكار لإدراك علمهم، وكذلك من قرأ: أم أدرك. وأم تدارك، لأنها أم التي بمعنى بل والهمزة. فإن قلت: فمن قرأ: بلى أدرك، وبلى أأدرك؟ قلت: لما جاء ببلى، بعد قوله: (وَمَا يَشْعُرُونَ) كان معناه: بلى يشعرون، ثم فسر الشعور بقوله: أدرك علمهم في الآخرة على سبيل التهكم الذي معناه: المبالغة في نفى العلم، فكأنه قال: شعورهم بوقت الآخرة أنهم لا يعلمون كونها، فيرجع إلى نفي الشعور على أبلغ ما يكون. وأما

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

قوله: (وفي "أدرك علمهم" و {ادَّارَكَ عِلْمُهُمْ}: وجهٌ آخر)، عطفٌ على قوله: "ومعنى" أدرك علمهم في الآخرة": انتهى وتكامل".

ويجوز أن يكون متفرعًا على الجواب الثاني، أي: أن "أدرك"و"ادارك" إما منفيان على التهكم، أو معناها: انتهى وفني، ليحصل الترقي من النفي إلى النفي.

قوله: (من: تدارك بنو فلانٍ، إذا تتابعوا في الهلاك)، ومنه بيت الحماسة.

أبعد بني أمي الذين تتابعوا … أرجي الحياة أم من الموت أجزع

قوله: (فما وجه قراءة من قرأ: "بل أأدرك"؟ )، الفاء دلت على الإنكار، يعني: هب أنك فسرتهما بمعنى: انتهى وفني، فما تفعل بالاستفهام الوارد على التقرير؟ وأجاب: أجعله إنكارياً، وهو نفيٌ أيضًا.

قوله: (فمن قرأ: "بلى")، إنكارٌ آخر على التأويل بالنفي، وأجاب بما يوافق النفي بالتهكم لقراءة، وبالإنكار على وجهٍ برهانيٍّ لأخرى.

<<  <  ج: ص:  >  >>