العامل في (إِذَا) ما دلّ عليه (أَإِنَّا لَمُخْرَجُونَ) وهو "نخرج"، لأنّ بين يدي عمل اسم الفاعل فيه عقابا وهي همزة الاستفهام، و "إن" ولام الابتداء وواحدة منها كافية، فكيف إذا اجتمعن؟
والمراد: الإخراج من الأرض. أو من حال الفناء إلى الحياة، وتكرير حرف الاستفهام بإدخاله على (إذا) و (إن) جميعا إنكار على إنكار، وجحود عقيب جحود، ودليل على كفر مؤكد مبالغ فيه. والضمير في (إِنَّا) لهم ولآبائهم، لأنّ كونهم ترابا قد تناولهم وآباءهم. فإن قلت: قدّم في هذه الآية (هَذَا) على (نَحْنُ وَآباؤُنا)، وفي آية أخرى قدّم (نَحْنُ وَآباؤُنا) على (هَذَا)؟ قلت. التقديم دليل على أن المقدّم هو الغرض المتعمد بالذكر، وإن الكلام إنما سيق لأجله، ففي إحدى الآيتين
قال صاحب "التقريب": معناه: أن الكفر بالجزاء مبدأ عماهم، وسبب عدم تدبرهم، فإن لم يصرفه خوف العاقبة فعل ما يقتضيه هواه وشهوته، ودخل في زمرة البهائم.
قال:
والظلم من شيم النفوس فإن تجد … ذا عفةٍ فلعلةٍ لا يظلم
قوله:(بين يدي عمل اسم الفاعل)، أي: المفعول، وهو "مخرجون"، سمي به مجازًا، لأنه بني من: يخرج.
قوله:(التقديم دليلٌ على أن المقدم هو الغرض)، تلخيصه: أن التقديم إنما يتعمد به لاقتضاء المقام، وكون المقدم مهتماً بشأنه، ولما كان الإنكار في هذه السورة أبلغ منه في تلك السورة قدم المنكر هنا، وأقره في تلك السورة في مكانه.