للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بني إسرائيل. أو منهم ومن غيرهم.

(إِنَّ رَبَّكَ يَقْضِي بَيْنَهُمْ بِحُكْمِهِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْعَلِيمُ) [النمل: ٧٨].

(بَيْنَهُمْ) بين من آمن بالقرآن ومن كفر به. فإن قلت: ما معنى يقضي بحكمه؟ ولا يقال:

زيد يضرب بضربه ويمنع بمنعه؟ قلت: معناه بما يحكم به وهو عدله، لأنه لا يقضي إلا بالعدل، فسمي المحكوم به حكما. أو أراد بحكمته، وتدل عليه قراءة من قرأ: (بِحِكَمِه)؛ جمع حكمة. (وَهُوَ الْعَزِيزُ)؛ فلا يردّ قضاؤه (الْعَلِيمُ) بمن يقضى له وبمن يقضى عليه، أو (العَزِيزُ) في انتقامه من المبطلين، (العَلِيمُ) بالفصل بينهم وبين المحقين.

[(فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّكَ عَلَى الْحَقِّ الْمُبِينِ* إِنَّكَ لا تُسْمِعُ الْمَوْتى وَلا تُسْمِعُ الصُّمَّ الدُّعاءَ إِذا وَلَّوْا مُدْبِرِينَ* وَما أَنْتَ بِهادِي الْعُمْيِ عَنْ ضَلالَتِهِمْ إِنْ تُسْمِعُ إِلاَّ مَنْ يُؤْمِنُ بِآياتِنا فَهُمْ مُسْلِمُونَ)].

أمره بالتوكل على الله وقلة المبالاة بأعداء الدين، وعلل التوكل بأنه على الحق الأبلج الذي لا يتعلق به الشكّ والظنّ. وفيه بيان أنّ صاحب الحق حقيق بالوثوق بصنع الله وبنصرته. وأن مثله لا يخذل. فإن قلت: (إِنَّكَ لا تُسْمِعُ الْمَوْتى) يشبه أن يكون تعليلا آخر للتوكل، فما وجه ذلك؟ قلت: ؟ وجهه أن الأمر بالتوكل جعل مسببا عما كان يغيظ رسول الله صلى الله عليه وسلم من جهة المشركين وأهل الكتاب: من ترك اتباعه وتشييع ذلك بالعداوة

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

قوله: (أو منهم ومن غيرهم)، هذا أولى من الأول، لقوله: {إِنَّ رَبَّكَ يَقْضِي بَيْنَهُمْ}، وقد فسر بقوله: "من آمن بالقرآن ومن كفر به" ولما قررناه من بيان النظم، ولأن قوله: {وَإِنَّهُ لَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ} تعريضٌ كالتذييل، فيدخل فيه بنو إسرائيل دخولًا أوليًا.

قوله: (وتشييع ذلك بالعداوة)، الأساس: ومن المجاز: شيعنا شهر رمضان بصوم

<<  <  ج: ص:  >  >>