الطلبة يحرص على ذلك حتى لا يبقى في أطراف نسخة درسه موضعاً فارغاً مقدار ما يسع أنمله، ويظن أن ذلك علامة فطنته ودقته، لكنه علامة بلادته.
قال في تعليم المتعلم: لا يكتب شيئاً لا يفهمه، فإنه يورث كلال الطبع ويذهب الفطنة ويضيع أوقاته، وقال فيه: ويترك الحاشية إلا عند الضرورة، انتهى. فينبغي للطالب أن لا يكتب الحاشية في أطراف نسخة درسه إلا بعد معرفة معناها ومقصدها ومساس الحاجة إليها، وتلك المعرفة تتوقف على تحقيق الدرس.
- ومنها إطالة الاشتغال بفن بحيث يعوق عن تحصيل فن يساويه في الحاجة أو هو أهم منه. قال في الإحياء: لا تستغرق عمرك في فن واحد طالباً للاستقصاء فيه، فإن العلم كثير والعمر قصير. وقال فيه أيضاً: من وظيفة طالب (العلوم) أن لا يدع شيئاً من العلوم المحمودة إلا ينظر فيه نظراً يطلع به على مقصده، فإن العلوم متعاونة، وبعضها مرتبط بالبعض، ثم يشرع في طلب التبحر في الأهم فالأهم، انتهى.
قيل:
(ما حوى العلم جميعاً أحد ... لا ولو مارسه ألف سنة)
(إنما العلم منيع غوره ... فخذوا من كل علم أحسنه)
أقول ثم أقول: الأحرى لمتبحر الفقه وأصوله، والمتبحر فيهما أعز من الكبريت الأحمر لطول مباحثهما ودقة مسالكهما، لكن جرت عادة الله تعالى