للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

على جعل همم الناس مختلفة في التبحر في الفنون، لأن انتظام أمر العلم إما يكون بأن يوجد في كل فن متبحر، فيكون هم واحد في الفقه، وهم آخر في العربية وهكذا، فيوجد في الدنيا مرجع استكشاف دقائق كل فن، فلو كان هم الجميع في فن واحد اختل نظام العلم. ونظير ذلك اختلاف همم أصحاب الحرف.

وأما الاستقصاء في جميع الفنون لواحد فهو متعذر أو متعسر، كذا في أوائل شرح المواقف. وينبغي للطالب أن يقصد التبحر فيما يليق بطبعه (من العلوم المهمة، وقلما ينبه الطالب على ما يليق بطبعه) فينبغي للأستاذ أن ينبهه على ذلك، كما روى أن محمد بن إسماعيل البخاري رحمة الله تعالى بدأ بكتاب الصلاة على محمد بن الحسن تلميذ أبي حنيفة رحمة الله تعالى عليهما، فقال له محمد بن الحسن: اذهب وتعلم علم الحديث، لما رأى أن ذلك العلم ألبق بطبعه، فطلبه فصار مقدماً على جميع أئمة الحديث، كذا في تعليم المتعلم.

- ومنها عجلة بعض الطلبة إلي الفراغ عن مشقة التحصيل، فتحمله تلك العجلة على تطويل قدر الدرس على قراءة نسخ متعددة معاً فوق طاقته وعلى ترك بعض الفنون المهمة قبل إتقانه، بل قبل إتمام نسخة منه.

<<  <   >  >>