ويتكلف الجواب عن كل ما يسأل عنه فيتعمد الكذب أو القول الذي ليس بجواب موهماً أنه جواب. وإذا أخطأ في التقرير ونبهه عليه بعض تلامذته يخجل ويستنكف عن قبوله، فيتكلف لتصحيح غلطه بمغالطات وكلمات مجهولة الحاصل، وذا ناشيء من الكبر والرياء، ومن علاج تركه معرفة أحوال السلف، قال في الإحياء، قال الشافعي: إني شهدت مالكاً سئل عن ثمان وأربعين مسألة فقال في اثنتين وثلاثين لا أدري. ومن يريد غير وجه الله بعلمه فلا تسمح نفسه [بأن يقر على نفسه] بأنه لا يدري.
وسأل رجل علياً رضي الله عنه عن شيء فأجاب، فقال السائل: ليس كذلك يا أمير المؤمنين، ولكن كذا وكذا، وقال الشعبي: لا أدري، نصف العلم، انتهى.
ولعل وجه كونه نصف العلم أن من جهل شيئاً وجهل جهله به كان مجهوله من أمرين، وهذا هو الجهل المركب، ومن قال لا أدري علم جهله به وبقي علمه بذلك الأمر.
وفي بعض الكتب: سئل علي رضي الله تعالى عنه عن شيء على المنبر فقال: لا أدري. فقيل ليس هذا مكان الجهال. فقال: هذا مكان الذي يعلم شيئاً ويجهل شيئاً، وأما الذي يعلم ولا يجهل شيئاً فلا مكان له. وسئل أبو يوسف عن شيء، فقال: لا أدري، فقيل: تأكل من بيت المال كل يوم