للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

٣ - وهذا رجل يقابل مجاهد بن جبر فيقول لمجاهد: «أنت الذى تفسّر القرآن برأيك؟ فبكى مجاهد، ثم قال: إنى إذا لجرىء، لقد حملت التفسير عن بضعة عشر رجلا من أصحاب النبى صلّى الله عليه وسلّم ورضى عنهم» (١).

وأجاب المجوزون عن هذه الأقوال الواردة فى الدليل بما يأتى:

أ- أن قول هؤلاء إنما كان منهم ورعا واحتياطيا، وتواضعا أولا، مخافة ألا يبلغوا ما يعتقدونه أنه مراد الله- تعالى- لأنهم كانوا يرون التفسير بمثابة الشهادة على الله- تعالى- أنه عنى هذا فأمسكوا وأحجموا خوف ألا يبلغوا هذه الغاية.

ب- أن إحجامهم عن التفسير كان فيما لم يعرفوا وجه الصواب فيه.

ج- أن امتناع أحدهم إنما كان لوجود من يعتقد أنه أفضل منه فى هذا الباب يكفيه مؤنة التفسير، وإلا فما كان ليتردد أبدا إذا سئل (٢).

ومع ردّ المجوزون على أدلة المانعين وإبطالها إلا أنهم مع ذلك أثبتوا صحة ما ذهبوا إليه من جواز التفسير بالرأى أى بالاجتهاد فى الآيات التى لم يرد فيها عن الأجيال الثلاثة نقلا صحيحا بأدلة كثيرة أهمها ما يلى:

الأول: أن الله- تعالى- حث على تدبر القرآن، وعلى أن فى القرآن الكريم ما ينبغى للعلماء وأولى الألباب أن يتدبروه ويستنبطوه، ويصلوا إليه بعقولهم فى آيات كثيرة منها:

أ- قوله تعالى: كِتابٌ أَنْزَلْناهُ إِلَيْكَ مُبارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آياتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُوا الْأَلْبابِ (٣).

ب- وقوله تعالى: أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلى قُلُوبٍ أَقْفالُها (٤).


(١) التفسير والمفسرون ١/ ١٠٧.
(٢) مناهل العرفان فى علوم القرآن للزرقانى ١/ ٥٦ - ٥٧.
(٣) ص: ٢٩.
(٤) محمد: ٢٤.

<<  <   >  >>