الحفظ، والتدليس، بل والوضع والكذب فى بعض الأحيان، خاصة وأنه لا يوجد كتاب ضابط، ولا سفر يدوّن على الراوى مقولته، ويسجل عليه روايته، فنشأت لذلك علوم الجرح والتعديل، وتاريخ الرواة لدفع الكذب والكذابين عن صاحب الوحى، سيد المرسلين صلوات الله وسلامه عليه.
فلا يوجد فى هذه الأعصر الثلاثة الأولى راو إلا وقد غربله النقاد غربلة تامة، وتتبعوه فى كل شأن من شئون حياته، ووضعوه تحت قيود فنية على غاية من الدقة فى التعديل إن كان عدلا، أو فى التجريح إن كان مجروحا.
أما ما خلا القرون الثلاثة الأولى، فقد شمّر الحفاظ عن سواعد الجدّ لتدوين السنة المشرفة فى الكتب والأسفار التى ما لبثت أن أخذت من جهود الحفاظ أثمن وأغلى ما فى أعمارهم، واجتهدوا فى ترتيبها، وتبويبها، وتصنيفها حتى استقر غالب السنة فى أسفار عظيمة سمى كل سفر منها بحسب اجتهاد جامعه، وتبويبه، وترتيبه على النحو التالى:
١ - المسند: وهو كتاب يرتبه راوى أحاديثه على أسماء الصحابة بحيث يجمع أحاديث كل صحابى فى مكان واحد على حدة، وأول من رتب الأحاديث النبوية فى مسند هو الإمام أبو داود الطيالسى المتوفى سنة ٢٠٤ هـ، وأجمع المسانيد تدوينا للسنة والحديث هو شيخ الإمام البخارى الإمام أحمد بن حنبل الشيبانى المتوفى سنة ٢٤١ هـ، إذ جمع فيه قريبا من أربعين ألف حديث.
٢ - الصحيح: وهو الكتاب الذى يجمع الحديث طبقا لشروط دقيقة للصحة والاعتبار مشتملة على أبواب الفقه الأكبر (فقه العقائد)، وهى المعروفة اليوم بالصحاح الستة، وهى بحسب ترتيب أهميتها: صحيح البخارى، مسلّم، أبو داود، والترمذى، والنسائى، وابن ماجة.
٣ - السنن: وهى الكتب التى رتبت الحديث طبقا لترتيب أبواب الفقه الكبير (فقه الشريعة)، فتبدأ بأحاديث الطهارة، إلى آخر أبواب هذا الفقه، ومنها