للتفسير فى عصر الصحابة ظلت كما هى فى عصر التابعين، بفارق بسيط وهو أن التلقى والرواية لم تكن مجموعة فى إقليم واحد كما كان الشأن فى المدينة المنورة فى التفاف الصحابة حول رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، وإنما أصبح لكل إقليم تلاميذ يلتفون حول صحابى أو أصحاب نزحوا إلى هذا الإقليم والتف أهل الإقليم للأخذ عنه أو عنهم.
الثانية: النقل عن بعض الروايات الإسرائيلية فى التفسير، انتقلت هذه الخاصية أيضا من جيل الصحابة إلى جيل التابعين، ولكن أيضا بفارق أكبر. ذلك أن النقل عن أهل الكتاب فى عصر الصحابة كان محصورا للغاية، خاصة عند أبىّ بن كعب، وابن عباس، وابن مسعود- رضى الله عنهم- ولكن فيما لا يتعدى ما هو جاد فى ديننا من مسائل، أما عصر التابعين فقد كثرت الإسرائيليات بكثرة من أسلم منهم.
هاتان الخاصتان انتقلتا إلى عصر التابعين بالنسبة لمسائل التفسير. أما الخصائص المميزة لهذه «المرحلة الثانية»(عصر التابعين) فأهمها ما يلى:
١ - بداية ظهور المذاهب والفرق، والكلام حول بعض الآيات التى حملها بعض المفسرين من التابعين آراءه الخاصة. وذلك كمسائل الكلام حول القضاء والقدر الذى نسب إلى كل من الحسن البصرى، وقتادة بن دعامة السدوسى- يرحمها الله تعالى.
٢ - اتساع الخلاف بين التابعين فى مسائل التفسير بصورة واضحة ومتباعدة بينما لم يكن الخلاف بين الصحابة فى تفسير آيات كتاب الله تعالى شيئا ملموسا، أو محسوسا.
ومع هذا فإن هذه المسألة- أعنى مسألة الخلاف بين التابعين- لم تأخذ الفجوة العميقة التى سنراها فيما بعد، وإنما يمكن أن يقال «إنه خلاف» أى بالنسبة لما سبقهم من عصر الصحابة.