للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وروى نافع عن ابن عمر أن النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- صلى إلى الأسطوان الثالث في مسجد قُباء التي في الرَّحبةَ.

قلت: والوارد في فضل مسجد قباء أكثر مما ذُكر، ولم يزلْ مسجد قباء على ما بناه رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- إلى أن بناه عمر بن عبد العزيز -رحمه الله- عند بناء مسجد المدينة على هذه الحالة التي هو عليها اليوم، فَتَشعثَ على طول الزمان وتهدم، فجدده الوزير جمال الدين محمد بن علي بن أبي منصور الأصفهاني وزير بني زنكي المدفون في رباطه المعروف، بإنشائه قبالة باب عثمان المعروف بباب جبريل، والرباط المذكور من بعض دار عثمان -رضي الله عنه- وذلك في سنة خمس وخمسين وخمس مئة.

وقباء على ثلاثة أميال من المدينة، وقال الباجي (١): هو على ميلين، وقال القاضي عياض (٢): بنو عمرو بن عوف، على ثُلثيْ فرسخ (٣) والصحيح الأول، وهو مروي عن مالك -رحمه الله-.

وأما مسجد الضرار (٤) فلا له أثرٌ ولا نعرف له مكانًا (٥) فيما حول مسجد قباء، ولا في غير ذلك، من جهة المدينة. وما ذكره الشيخ محب الدين بن


(١) هو عبد الله بن محمد بن علي الباجي الإشبيلي فقيه ومحدث ينسب إلى مدينة باجة في الأندلس، توفي عام ٣٧٨ هـ الذهبي: سير أعلام النبلاء ج ٦، ص ٣٧٧.
(٢) القاضي عياض بن موسى بن عياض فقيه مالكي مشهور له عدد من المصنفات مثل كتاب الشفاء، توفي عام ٥٤٤ هـ الذهبي: سير أعلام النبلاء، ج ٢ ص ٢١٢.
(٣) الفرسخ: وحدة مسافة مشهورة قديمًا كانت تساوي ثلاثة أميال أي قرابة خمسة أكيال.
(٤) مسجد ضرار: مسجد كان يقع في شمال مسجد قباء أسس على النفاق والمنافسة وتفريق المؤمنين، قال تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قَاتِلُوا الَّذِينَ} إلى أن يقول: {هَذِهِ إِيمَانًا فَأَمَّا} سورة التوبة، الآية: ١٠٨ ومن ثم أمر الرسول -صلى الله عليه وآله وسلم- بهدمه وحرقه. السمهودي ج ٢ ص ٨١٦ - ٨١٨.
(٥) في الأصل مكان.

<<  <   >  >>