للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المقابلة للمُصلى، فهي عين الأزرق وهو مروان بن الحكم التي أجراها، بأمر معاوية -رضي الله عنه-، وهو واليه على المدينة. وأصلها من قباء معروف، من بئر كبير غربي مسجد قباء، في حديقة نخل، وهي تجري إلى المصلى، وعليها في المصلى قُبةٌ كبيرة مقسومة نصفين، يخرج الماء منها في وجهين مدرجين، وجه قِبلي ووجه شمالي، وتخرج العين من القُبة من جهة المشرق، ثم تأخذ إلى جهة الشمال وأخذ الأمير سيف الدين الحسين بن أبي الهيجاء في حدود الستين وخمس مئة منها شعبةً من عند مخرجها من القبة، فساقها إلى باب المدينة باب المصلى، ثم أوصلها إلى باب الرحمن (١) التي عند مسجد النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- من جهة باب السلام، المعروف (٢) قديمًا بباب مروان وبني لها منهلًا بدرج من تحت الدور، يَستقي منه أهلُ المدينة، وينتفعون بها. وجعل لها مصرفًا من تحت الأرض يشق وسط المدينة على البلاط، ثم يخرج إلى ظاهر المدينة من جهة المشال، شرقي الحصن الذي يسكنه أمير المدينة، وكان قد جعل منها شعبة صغيرة تدخل إلى صحن المسجد، وجعل لها درجًا على عقدٍ يخرج الماء إليه من فوارة، يتوضأ منها مَنْ يحتاج إلى الوضوء، فحصل في ذلك انتهاك حرمة المسجد من كشف العورات والاستنجاء في المسجد، فَسُدت لذلك.

وإذا خرجت العين من القبة التي بالمصلى سارت إلى جهة الشمال، حتى تصل إلى سور المدينة، فتدخل من تحته، فتصل إلى منهل آخر بوجهين مدَرَّجين، عند قبر النفس الزكية (٣)، ثم تخرجُ من هنالك، وقد تقدم ذكر


(١) في الأصل باب الرحبة والأقرب بحذف كلمة باب كما في (ب) و (ص).
(٢) من قوله المعروف حتى قوله على البلاط غير موجود في (ب).
(٣) النفس الزكية هو محمد بن عبد الله بن حسن أحد أعلام البيت العلوي في بداية العصر العباسي كان يلقب بالنفس الزكية لتقواه وحسن سيرته. ثار على أبي جعفر المنصور وخلع طاعته وجرت بينهما مراسلات وجدل سياسي حتى تمكن المنصور من القضاء على ثورته وقتله في المدينة سنة ١٤٥ هـ انظر الطبري ج ٧ ص ٥٥٣ - ٦٠٩.

<<  <   >  >>