للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ونقل الحافظ عبد الغني أنه عرض جيشه على بئر أبي عنبة بالحرة، فوق هذه البئر إلى المغرب، ويقال إنها على ميل إلى المدينة. ومنها بئر أخرى إذا وقفت على هذه المذكورة وأنت على جادة الطريق وهي على يسارك كانت هذه على يمينك، ولكنها بعيدة عن الطريق قليلًا، وهي في سند من الحرة قد حُوّط عليها ببناء مجصص. وكان على شَفيرِها حوضٌ من حجارة تكسَّر. لم يزل أهل المدينة قديمًا وحديثًا يتبركون بها، ويشربون من مائها، ويُنقل إلى الآفاق منها، كما ينقل ماء زمزم، ويسمونها زمزم أيضًا لبركتها، .. ولم أعلم أحدًا ذكرَ فيها أثرًا يعتمد عليه. والله أعلم أيتهما هي السقيا، الأولى لقربها من الطريق، أمْ هذه لتواتر التبرك بها (١)، أو لعلها البئر التي احتفرتها فاطمة بنت الحسين بن علي زوجة الحسن بن الحسن بن علي حين أُخرِجت من بيت جدتها فاطمة الكبرى في أيام الوليد بن عبد الملك، حين أَمر بإدخال حجرات أزواج رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-، وبيت فاطمة -رضي الله عنه- ا في المسجد، فإنها بنت دارَها بالحرة، وأمرت بحفر بئر فيها، فطلع لهم جبل فذكروا ذلك لها، فتوضأت وصلت ركعتين، ودعت ورشت موضع البئر بفضل وضوئها، وأمرتهم فحفروا، فلم يتوقف عليهم من الجبل شيء حتى ظهر لهم الماء، والله أعلم (٢)، فالظاهر أنها هذه (٣) وأن السقيا هي الأولى لأنها على جادة الطريق، وهو الأقرب، والله أعلم.


(١) بالطبع كان ذلك زمن المؤلف، أما اليوم فلم يعد أحد يتبرك بهذه المواضع لحسن اعتقاد الناس والحمد لله.
(٢) هذه دعوى ليس عليها إثبات وتخالف العقل وطبائع الأشياء. وقد تكون من الأخبار المكذوبة.
(٣) أي أن بئر زمزم المشار إليها هي بئر فاطمة المذكورة. والباحث يرجح الأخيرة فقد كانت هذه البئر معروفة حتى وقته، وكان بعض العامة يتبرك بمائها.

<<  <   >  >>