للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قال المازري (١) -رحمه الله-: نَقلَ بعض أَهل العلم أنَّ ذِكْر ثور هنا وَهْمٌ من الراوي لأن ثورًا بمكة، والصحيح إلى أحد. وقال أبو عبيد القاسم بن سلام (٢) عير وثور جبلان بالمدينة، وأهل المدينة لا يعرفون بها جبلًا يُقال له ثورًا؛ إنما ثور بمكة. فنرى أن الحديث أصله ما بين عير إلى أحد.

قلت: بلى خلف جبل أحد من شماليه، تحته جبلٌ صغير مُدور يسمى ثورًا، يعرفه أهل المدينة، خلفٌ عن سلفٍ، ووعيرةُ شرقيّة، وهما حد الحرم، كما نُقل، ولعل هذا الاسم لم يبلغ أبا عبيد (٣)، ولا المازري، ولو لم يكن معروفًا، لم يسمه الخلف عن السلف والله أعلم (٤). وحدثنا علي بن أحمد الحسيني، نا محمد بن محمود، نا القاسم بن علي، نا محمد بن إبراهيم، أنا سهل ابن بشر، أنا علي بن منير قال، أنا الذهلي، نا موسى بن هارون، حدثنا إبراهيم بن المنذر، نا عبد العزيز بن أبي ثابت، حدثني أبو بكر بن النعمان بنَ عبد الله بن كعب بن مالك، عن أبيه، عن جده كعب بن مالك -رضي الله عنه-، قال: حرم رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- الشجر بالمدينة بريدًا في بريدْ (٥)، وأرسلني فأعلمتُ على


(١) المازري: أبو عبد الله محمد بن علي بن عمر التميمي المالكي عرف بلقب الإمام المازري، أصله من مأزر مدينة في جزيرة صقلية، تصدر للفتيا في وقته، ولم يكن أحد أفقه منه في الفقه المالكي في أفريقية، له عدد كبير من المؤلفات من أشهرها شرح كتاب مسلم. وأخذ عند عدد من العلماء. توفي سنة ٥٣٦ هـ ابن فرحون: الديباج المذهب ص ٢٧٩ - ٢٨١.
(٢) أبو عبيد القاسم بن سلام بن عبد الله إمام كبير وحافظ مجتهد له عدد من المؤلفات الموثوقة في عدد من الفنون منها كتاب الأموال، وكتاب فضائل القرآن وغيرها. كان أعلم أهل عصره بأيام الناس والنحو واللغة والفقه، توفي بمكة سنة ٢٢٤ هـ. ابن حجر: سير أعلام النبلاء ج ١٠ ص ٤٩٠ - ٥٠٧.
(٣) كيف لم يبلغ هذا الاسم أي ثور أبا عبيد، والمؤلف نفسه ذكر له قبل قليل قوله إن عيرًا وثورًا جبلان بالمدينة. ويؤيده قول أبي عبيد أيضًا في كتابه الجبال: بلغني أن بالمدينة جبلًا يقال له ثور. السمهودي: وفاء الوفاء ج ١ ص ٩٤.
(٤) وجبل ثور اليوم معروف تمامًا في الموقع الذي وصفه المؤلف، وشمالي طريق الجامعات عند مروره شمالي أحد، شمالي سوق الأغنام القائم هناك.
(٥) البريد يساوي ١٢ ميلًا قديمًا أي قرابة ٢٤ كيلًا. انظر السمهودي: وفاء ج ١ ص ١٠٣؛ وكتابي: الطريق النبوي إلى بدر ص ٥ - ٦.

<<  <   >  >>