للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وذكر أيضًا أن رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- نزل بالدبّة دبة المستعجلة من المضيق، واستُقِي له من بئر الشُّعبة (١) الصابة أسفل من دبة. فهو لا يفارقها ماء أبدًا.

قلت: والمستعجلة هي المضيق الذي يصعد إليه الحاج إذا قطع النازية وهو متوجه إلى الصفراء، وذكر ابن إسحاق (٢) أن رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- نزل بِشِعْب سِيَر وهو الشعب الذي بين المستعجلة والصفراء. وقسم به غنائم أهل بدر ولا يزال فيه الماء غالبًا (٣).

وذكر ابنُ زبالة أن النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- صلى في مسجد الصفراء، وفي مسجد آخر بموضع يسمى ذات أجدال (٤) من مضيق الصفراء، وفي مسجد آخر بِذِفْران (٥) واد معروف يصب في الصفراء من جهة الغرب، وأنهم حفروا بئرًا في موضع سجود النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- ووجدوا الماء بها فضلًا من العذوبة على ما حولها.

قلت: ومات عبيد بن الحارث بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف من جراحته التي أصابته ببدر بالصفراء فدفنه رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- بها وكان أسن بني عبد مناف يومئذ -رحمه الله- و -رضي الله عنه- (٦).


(١) بئر الشعبة يبدو من وصف المؤرخين لها أنها تقع ما بين الخيف وسير الآتي في أعلى وادي الصفراء أو المضيق على الأصح، وقد رأيت آثار بركة كبيرة هناك. السمهودي ج ٣ ص ١٠٢٣.
(٢) ابن هشام: سيرة النبي ج ٣ ص ١٩٣.
(٣) سِيَر شِعب معروف باسمه إلى اليوم يقع على مسافة كيل واحد غرب جنوب المستعجلة خلف مجرى سيل الوادي الرئيس في أعلى وادي المضيق بالقرب من سد الترعة المقام حديثًا هناك.
(٤) في الأصل أحكال، وهو تصحيف، والصحيح ما أثبتناه من (ب) و (ص). وذات أجدال يقع بالقرب من القرية المعروفة بالحِسنية على مسافة عشرين كيلًا شرقي بدر، وهي غير معروفة اليوم، ولا المسجد الذي كان فيها.
(٥) وادي ذفران هو كما وصفه المؤلف ولا يزال معروفًا باسمه إلى اليوم ويقع إلى الشمال من قرية الحمراء إلّا أن المسجد والقبر المشار إليهما لا يعرفان. وقد سلكته فلم أعثر عليهما فقد تغيرت معالمه ولا سيما في عصرنا.
(٦) مات عبيدة بن الحارث -رضي الله عنه- متأثرًا بجراحه في غزوة بدر عند مبارزته عتبة بن ربيعة عند بداية المعركة وقد توفي والمسلمون في طريق عودتهم للمدينة منتصرين عندما وصلوا إلى ذفران شمال قرية الحمراء بوادي الصفراء، وظل قبره معروفًا لقرون تالية وأقيم عنده مسجد ثم اندرس الجميع. ويبدو من السياق والقياس في مثل هذه الأماكن أن المسجد أقيم أصلًا في موضع مصلى الرسول -صلى الله عليه وآله وسلم- في هذا المكان، ابن هشام: سيرة النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- ج ٢ ص ٢٦٥؛ المراغي: تحقيق النصرة ص ١٦٣.

<<  <   >  >>