للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وفي ركنه الأيمن القِبْلي قبر أبي العباس عبد الله بن العباس بن عبد المطلب -رضي الله عنه- ما، في قبة عالية، ومسجد رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- في صحن هذا الجامع، بين قبتين صغيرتين، يُقال إنهما بُنيتا في موضع قبتي زوجتيه -صلى الله عليه وآله وسلم- اللتين كانتا معه عائشة وأم سلمة -رضي الله عنه- ما (١).

قلتُ: ورأيت بالطائف شجرات من شجر السدر عمريَّات (٢) يُذكر أنهن من عهد رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-، ينقل ذلك خلفُ أهل الطائف عن سلفهم، فمنهن واحدة دور جذرها خمسة وأربعون شبرًا، وأخرى تزيد على الأربعين، وأخرى سبعة وثلاثون، وكل ذلك شبرتُه. وأخرى يُذكر أنه -صلى الله عليه وآله وسلم- مر بها، وهو على راحلته، فانفرق جذرها نصفين، يدخل الراكب بينهما، يذكرون أن ناقته -صلى الله عليه وآله وسلم- دخلتْ من بينهما وهو ناعس، والله أعلم بصحة ذلك (٣). رأيتها قائمةً وجذرها مفترق يدخل الراكب منه، لا يلحق رأسه، وذلك في سنة ست وتسعين وست مئة، وأكلتُ من ثمرها، وحملتُ منه إلى المدينة للبركة (٤)، ثم دخلتُ الطائف في سنة تسع وعشرين وسبع مئة، فرأيتُها قد وقعت، ويبِست وجذرُها ملقًى لا يمسه أحد، ولا يُغيره من مكانه لحرمته بينهم.

وذكر ابنُ زَبالة أيضًا أن رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- حين وصل إلى خيبر نزل بين أهل الشِّق (٥) وأهل النَّطاة (٦) وصلى إلى عوسجة (٧) هنالك، وجعل


(١) وما زال هذا الجامع يعرف باسم جامع عبد الله بن عباس، وقد اشتمل على المسجد الذي صلى فيه الرسول -صلى الله عليه وآله وسلم- هناك منذ عصر المؤلف، ثم جُدد بناؤه وتمت توسعته في العهد السعودي في هذا العصر.
(٢) أي معمرة.
(٣) هذا من الموضوعات وتهويمات العامة فهو مما لم يثبت.
(٤) مفاهيم التبرك ونحوها كانت بدعة شائعة في زمن المؤلف.
(٥) الشق: حصن بخيبر. ويطلق اليوم أيضًا على وادٍ هناك.
(٦) النطاة: يبدو أنه حصن كان معروفًا أما اليوم فهو حصن ووادٍ بمدينة خيبر.
(٧) عوسجة: شجرة قصيرة تتكور حول بعضها خضراء اللون، تثمر حبيبات حمراء تكثر في بلاد العرب، وتنبت على حواف الأودية وفي أسافل الجبال.

<<  <   >  >>