للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وجعل للمسجد أربع مناراتٍ في كل ركن واحدة، وفرغ عمر من بنائه في ثلاث سنين، وجعل عمر بنيان الحجرة الشريفة على خمس زوايا، لئلا يستقيم لأحدٍ استقبالها بالصلاة، لتحذيره -صلى الله عليه وآله وسلم- من ذلك، قال ابن النجار (١): وجعل طولَه مئتي ذراع، وعرضَه في مقدمه مئتين، وفي مؤخره مئة وثمانين.

قلت: وهذه الذرعة التي ذكرها ابن النجار في عرضه غير صحيحة، وفي كتابه في ذكر ذرع المسجد ما يُبطلها، على أن ما ذكره في ذكر ذرع المسجد، وهو المنقول عنه فيما تقدم قبل هذه التتمة غير صحيح أيضًا. وذلك أني اعتبرت ذرعته فوجدت طوله من القبلة إلى الشام بعد اعتبار جانبيه، فكانا سواء مئتين وأربعين ذراعًا ونصف ذراع، ووجدت عرضه من جهة القبلة مئة واثنين وستين ذراعًا، ومن جهة الشام مئة وتسعة وعشرين ذراعًا، يزيد مُقدمه على مُؤخره ثلاثة وثلاثين ذراعًا، الجميع بذراع المدينة النبوية، على ساكنها أفضل الصلاة والسلام، وهو ذراع اليد المتوسطة (٢).

قال (٣): وكانت المنارة الرابعة مُطلة على دار مروان، فلما حج سليمان ابن عبد الملك أذن المؤذن وهو في الدار، فأمر بتلك المنارة فهدمت إلى ظهر المسجد (٤). قلت: ولم يزل المسجد الشريف على ثلاثة منارات، إلى أن جددت المنارة الرابعة المذكورة في التاريخ الآتي ذكره بعد هذا.


(١) الدرة الثمينة ص ١٠٠.
(٢) يبدو أن المؤلف ذرع أطوال المسجد النبوي في وقته بينما قصد ابن النجار أطوال المسجد بعد توسعة الوليد له، وفات المؤلف أن تلك الأطوال زادت بعد ذلك بفضل زيادة الخليفة المهدي وتوسعته للمسجد النبوي ولو أنها أيضًا جاءت مختلفة عما ذكره ابن النجار عن أطوال المسجد بعد توسعة المهدي على الرغم من أن كلًا من ابن النجار والمطري يذكر أنه قاسها بنفسه.
(٣) ابن النجار: الدرة الثمينة ص ١٠٠.
(٤) لم أجد في أخبار الخليفة سليمان بن عبد الملك الذي كان واليه على المدينة في هذا الوقت عمر بن عبد العزيز ما يؤيد هذه الرواية.

<<  <   >  >>