للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

له: زِدْ في المسجد، ومَنْ باعك فأعطِه ثمنَه، ومَنْ أبى فاهدمْ عليه، وأعطه المال، فإن أبى أن يأخذه فاصرفه إلى الفقراء. وأرسل الوليد إلى ملك الروم (١) فقال: إنا نريد أن نُعمر مسجد نبينا الأعظم، فأعنّا بعمال، وفسيفساء (٢)، فبعث إليه بثمانين عاملًا، أربعين عاملًا من الروم، وأربعين من القبط، وبثمانين ألف مثقال (٣)، وبأحمال من الفسيفساء، وبأحمال من سلاسل القناديل (٤).

واشترى عمر بن عبد العزيز الدور، وأدخلها مع حجرات رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- في المسجد، وأدخل القبر الشريف فيه، قال: فبينما أولئك العمال من الروم يعملون يومًا، خلا لهم المسجد، فقال أحدهم لأصحابه لأبولن على قبر نبيهم، فنهوه فأبى، فتهيأ لذلك فأُلقي على رأسه فانتثر دماغه/، فأسلم بعض أولئك الروم لذلك (٥).

وكان عمر [قد] خَمّر النورة التي تعمل بها الفسيفساء سنة، وجعل العمدَ حجارةً حشوها عمدَ الحديد والرصاص. وكان أولئك العمال يصنعون بالفسيفساء في الحيطان قصورًا وأشجارًا، فصور أحدهم خنزيرًا، فأمر به عمر فضُربت عنُقه (٦).

ووضع عمر القبلة بعد أن دعا مشيخة أهل المدينة من قريش والأنصار والعرب والموالي، وقال: احضُرُوا قبلَتكم فوضعوها على ما كانت عليه،


(١) ملك الروم وقتذاك هو الإمبراطور جستنيان الثاني في فترة حكمه الثانية.
(٢) الفسيفساء: هي قطع صغيرة ملونة من الرخام والخزف تزين بها الجدران والأسقف والمداخل، ويضرب بتعدد ألوانها المثل. والكلمة أعجمية.
(٣) المثقال: حدة وزن.
(٤) أي سلاسل حديدية تعلق بها.
(٥) هذه الأخبار من مرويات ابن زبالة، وكتابه لا يزال مفقودًا، وقد نقلها عن بالتفصيل السمهودي ج ٢ ص ٥١٩.
(٦) نفسه.

<<  <   >  >>