للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وبعد فإن العناية بالمدينة الشريفة متعينة، والرعاية لعظيم حرمتها لكل خير متضمنة، والوسيلة بنشر شرفها شافعة، والفضيلة لأشتات معاهدها جامعة، لأنها طابة (١) ذات الحجرة المُفَضلة، ودار الهجرة المُكَمَّلة، وحَرَم النبوة المُشرفة بالآيات المُنزَّلة، والمسجد الذي تشد إليه الرِّحال المُرقِلَة (٢). والبقعة التي تهبط (٣) الأملاك عليها، والمدينة التي يأْرِزُ الإيمان إليها (٤)، والمسجد الذي تفوح أرواح نجد من ثياب زائريه (٥)، والمورد الذي لا يَروى (٦) من الشوق غُلّة (٧) واردِيه، والعَرصة (٨) التي خَصَّها الله تعالى -عز وجل- بالنبي الأطهر، والحُوْمة (٩) التي فيها الروضة المُقدسة، بين القبر والمنبر، والتربة التي سَمت بساكنها على الآفاق، وفَضُلَتْ بِقاعَ الأرض على الإطلاق (١٠)، فهي كما قيل:

جَزَم الجميع بأنّ خيرَ الأرض ما … قد حاط ذاتَ المُصطفى وحَواها


(١) طابة: بتخفيف الباء اسم من أسماء المدينة بمعنى طيِّبة، وطابة وطيبة بإسكان الوسط وطيبة بتشديده كلها من أسمائها متشابهة في اللفظ والمعنى، وفي الحديث الصحيح «إن الله سمى المدينة طابة». مسلم: صحيحة ج ٢ ص ١٠٠٧؛ السمهودي ج ١ ص ١٦.
(٢) المرقلة: أي المسرعة.
(٣) في أيمن هذه الصفحة بالأصل تعليق باللغة التركية، وإشارة إلى أصل الفعل يأرز في الصحاح للجوهري.
(٤) هذه الجملة مأخوذة من الحديث الصحيح «إن الإيمان ليأرز إلى المدينة كما تأرز الحية إلى جحرها». البخاري: ج ٢ ص ٦٦٣
(٥) اشتهرت نجد عند العرب بروائح زهورها البرية من خُزامى ونَفْل ونحوها، والمؤلف يشير إلى ذلك.
(٦) في (ب) و (ص) لا تروي.
(٧) غلة: أي عطش. الفيروزآبادي: القاموس المحيط ج ٣ ص ٤١٢.
(٨) العرصة: الأرض الواسعة بين الدور والجبال ونحوها ومعناها هنا البقعة.
(٩) الحومة: تأتي بالفتح وصف للرمل الكثير أو أشد موضع فيه أي بؤرته، وتأتي بالضم بمعنى البِلَّور. المصدر السابق ج ٣ ص ٧٤٦.
(١٠) بالغ المؤلف هنا في الوصف، وكان ينبغي عليه أن يستثني مكة، فالثابت شرعًا أنَّها أحب البقاع إلى الله.

<<  <   >  >>