للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قلت: هذا في زمان محمد بن الحسن بن زبالة. ورَوَى أيضًا عن ابن زبالة أن طول منبر النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- بما زيد فيه أربعة أذرع، ومن أسفل عتبته (١) إلى أعلاه تسعة أذرع وشبر. وذكر ابن زبالة أيضًا أن المهدي بن المنصور لما حج سنة إحدى وستين ومئة قال للإمام مالك بن أنس -رضي الله عنه-: أُريد أن أُعيد منبر النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- إلى حالته الأولى، فقال له مالك إنما هو طرفاء (٢) وقد شُدَّ إلى هذه العيدان، وسُمِّر (٣) فمتى نزعتَه خفتُ أن يتهافت، فلا أرى تغييره. فتركه المهدي على حاله (٤) ورجع عما أراد. قلتُ: ذكر بعض طلبة العلم من أولاد المجاورين بالمدينة، مِمَّن أدركتُه، يسمى يعقوب بن أبي بكر بن أوحد، كان أبوه أبو بكر فراشًا من قُوَّام المسجد الشريف هو الذي كان حريق المسجد الشريف على يديه. فاحترق هو في حاصل (٥) المسجد ليلتئذ، إنَّ هذا المنبر الذي زاده معاوية، ورفَعَ منبر النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- عليه تهافت على طول الزمان. وإنَّ بعض خلفاء بني العباس (٦) جدَّده، واتخذ من بقايا أعواد منبر النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- أمشاطًا للتبرك بها، وعمل المنبر الذي ذكره ابن النجار أولًا، فإنه قال في تاريخ المدينة (٧): وطول المنبر ثلاثة أذرع وشبر وثلاثة أصابع، والدَّكة (٨) التي هو عليها من


(١) عبارة «ومن أسفل عتبته» غير موجودة في (ب) و (ص).
(٢) طرفاء: نوع من الأشجار من فصيلة الأثل رمادي اللون ما زال معروفًا في منطقة المدينة يتميز بقوة احتمال سيقانه.
(٣) سمر: أي ثبت.
(٤) سقطت من الأصل وأثبتت في (ب).
(٥) حاصل المسجد: حاصل الشيء بقيته، وحاصل المسجد هنا معناه خزينته ومستودعه الذي يوضع فيه بقايا زيته أو أثاثه وزوائده من قديم وحديث.
(٦) الخليفة المستعصم: هو أبو أحمد عبد الله المستعصم آخر الخلفاء العباسيين قتله المغول بقيادة هولاكو أثناء تدميرهم مدينة بغداد سنة ٦٥٦ هـ. وكان أحد الخلفاء الضعفاء، وكثيرًا ما تنفذ بالأمور دونه وزيره ابن العلقمي.
(٧) هذه إشارة إلى اسم آخر لكتاب الدرة الثمينة، ولعلها من باب الوصف له.
(٨) الدكة: هي ما ارتفع من الأرض قليلًا، أو كان على هيئة بناء يسطح أعلاه للجلوس عليه. فهي كل مرتفع في أرض البناء عما حوله، وأحيانًا تكون على هيئة كرسي من البناء يجلس أو ينتظر عليه، وقد تكون غرفة في البيت مرتفعة قليلًا عن الغرف الأخرى وبدون جدار من إحدى جهاته الداخلية فتسمى الدكة والاسم معروف مستخدم في المدينة إلى اليوم. انظر لسان العرب ج ٢ ص ٩٩٩.

<<  <   >  >>