للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

رخام، طولها شبر وَعقْده من رأسه إلى عَتَبة خمسة أذرع وشبر وأربع أصابع؛ وقد زِيد فيه اليوم عتبتان، وجُعل عليه باب يُفتَح يوم الجمعة.

قلت: فدل ذلك على أن المنبر الذي احترق، غير المنبر الأول الذي عمله معاوية -رضي الله عنه- وجعل منبر النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- فوقه. قال الفقيه يعقوب بن أبي بكر المحترق: سمعتُ ذلك من جماعة ممنْ أدركتُ من المجاورين بالمدينة ممنْ يُوثق بهم أنهم سمعوا ذلك ممَّن أدركوا، وأن بعض الخلفاء جَدَّد المنبر وأخذ بقايا أعواد منبر النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- للتبرك بها. فإن المنبر المحترق هو الذي جدده الخليفة المذكور، وهو الذي أدركه الشيخ محب الدين بن النجار قبل احتراق الحرم الشريف، لأن وفاة الشيخ محب الدين في شهر شعبان من سنة ثلاث وأربعين وست مئة، واحتراق المسجد الشريف في ليلة الجمعة أول شهر رمضان من سنة أربع وخمسين وست مئة، فَكُتِبَ بذلك إلى الخليفة المستعصم بالله أبي أحمد عبد الله ابن الإمام المستنصر من المدينة في شهر رمضان المذكور، فوصل الصناعُ والآلات صحبة حجاج العراق، وابتُدِئَ بالعمارة فيه من سنة خمس وخمسين وست مئة.

واستولى الحريق على جميع سقوفه، حتى لم يبقَ فيه خشبة واحدة، وبقيت السواري قائمة كأنها جذوع النخل، إذا هبت الرياح تتمايل كما تتمايل جذوع النخل، وذاب الرصاص من بعضها فسقطت، حتى السقف الذي كان على الحجرة المقدسة وقع على سقف بيت النبي -صلى الله عليه وآله وسلم-، فوقعا على القبور المقدسة ولما ابتدؤوا بالعمارة قصدوا إزالة ما وقع من السقوف على القبور المقدسة، فلم يجسروا على ذلك، واتفق رأي صاحب المدينة يومئذ وهو الأمير

<<  <   >  >>