للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

منيف (١) بن شيحة بن هاشم بن القاسم بن المهنا، ورأي أكابر أهل الحرم الشريف من المجاورين والخدام، أن يُطالع الإمام المستعصم بذلك، ويُفعل فيه ما يَصل به أمره ورأيه، فأرسلوا بذلك وانتظروا الجواب فلم يصل إليهم الجواب. وحصل للخليفة شغل ولأرباب الدولة، بإزعاج التتار (٢) لهم، واستيلائهم على البلاد تلك السنة (٣)، فترك الرَّدم (٤) على ما كان عليه، ولم ينزل أحدٌ هناك ولا حركوه وأعادوا سقفًا فوقه على رؤوس السوراي التي حول الحجرة الشريفة، فإن الحائط الذي بناه عمر بن عبد العزيز- -رحمه الله- - حول بيت النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- بَيْن هذه السواري التي حول بيت النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- لم يبلغ به السقف الأعلى، بل جعلوا فوق الحائط وبين السواري شباكًا من خشب من الحائط إلى السقف الأعلى يظهر لمن تأمله من تحت الكسوة التي على الحائط على دوران الحائط جميعه. وسَقَّفوا في هذه السنة وهي سنة خمس وخمسين وست مئة الحجرةَ الشريفة وما حولها إلى الحائط القِبلي، وإلى الحائط الشرقي، إلى باب جبريل -عليه السلام- المعروف قديمًا بباب عثمان -رضي الله عنه- (٥). ومن جهة المغرب الروضة الشريفة جميعها إلى المنبر الشريف.

ثم دخلت سنة ست وخمسين وست مئة فكان في الحرم منها واقعة بغداد وقتل الخليفة المذكور -رحمه الله- (٦) فوصلت الآلات من مصر وكان المتولي


(١) الأمير منيف بن شيحة: هو أبو الحسين منيف بن شيحة تولى إمارة المدينة (٦٤٩ - ٦٥٧ هـ) وقد آزره أخوه جماز بن شيحة، وقد اشتد في جمع المكوس ولاقى أهل المدينة منه عنتًا في ذلك. ابن فرحون: نصيحة المشاور ص ٢٤٨.
(٢) التتار: هنا هم المغول بقيادة هولاكو حيث دمروا بغداد وأسقطوا الخلافة العباسية سنة ٦٥٦ هـ ..
(٣) أي سنة ٦٥٥ هـ.
(٤) الردم: هو ما تهدم من تراب وحجر وتكوم في مكان واحد.
(٥) باب عثمان -رضي الله عنه- ما زال إلى اليوم يعرف بباب جبريل ويقع في الجدار الشرقي للمسجد باتجاه ركن البقيع الشمالي.
(٦) الخليفة المذكور يقصد المستعصم آخر الخلفاء العباسيين في بغداد الذي قتله هولاكو سنة ٦٥٦ هـ.

<<  <   >  >>