للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الأمير في ذلك وراجعه، وبذل جملة من المال. فوجدوا هِرًا قد سقط من الشباك الذي في أعلى الحائز، بين الحائز وبيت النبي -صلى الله عليه وآله وسلم-، وأجاف فأخرجوه، وطيبوا مكانه، وكان نزولهم يوم السبت الحادي عشر من ربيع الآخر، ثم قال (١): ومن ذلك التاريخ إلى يومنا هذا لم ينزل أحد هناك، فاعلم ذلك.

قلت: وتوفي الرجل الصالح عمر النسائي بمكة شرفها الله تعالى، وكان قد استقر بها بعد نزوله المذكور، بتسع سنين في سنة ست وخمسين وخمس مئة.

ومما أُحدِث على الحجرة الشريفة أنه لما حج السلطان الملك الظاهر (٢)، في سنة سبع وستين وست مئة، اقتضى رأيه أن يديرَ على الحجرة الشريفة درابزينًا من خشب، فقاس ما حولها بيده وقدره بحبال، وحملها معه (٣)، وعمل الدرابزين وأرسله في سنة ثمان وستين، وأداره عليها، وعمل له ثلاثة أبواب قبليًا وشرقيًا وغربيًا، ونصبه ما بين الأساطين التي تلي الحجرة الشريفة إلَّا من ناحية الشمال، فإنه زاد فيه إلى مُتهجد النبي -صلى الله عليه وآله وسلم-. وظن أنه في ذلك زيادة حرمة الحجرة المقدسة فحجر طائفة من الروضة الكريمة، مما يلي بيت النبي -صلى الله عليه وآله وسلم-، ومنع الصلاة فيها مع فضلها وفضل الصلاة فيها، فلو عكس ما حجَرهُ وجعله من الناحية الشرقية، وألصَقَ الدرابزين بالحجرة الشريفة مما يلي الروضة لكان أخف، إذ الناحية الشرقية ليست من الروضة، ولا من المسجد المُشار إليه، بل مما (٤) زيد في أيام الوليد، ولم يبلغني أن أحدًا من أهل


(١) أي ابن النجار ص ١٤٣.
(٢) الظاهر: هو السلطان الظاهر بيبرس وقد سبق تعريفه.
(٣) وحملها معه، أي عندما عاد إلى مصر ليقيس عليها طولًا وعرضًا ما سيصنعه من درابزين للحجرة النبوية.
(٤) في الأصل والزيادة من (ب).

<<  <   >  >>